لا تصنع شركات السيارات جميع المكوِّنات، هذا أمر طالمًا وضّحناه خصوصًا للمُترددين من شراء سيارة من علامة جديدة نسبيًا. تختص معظم شركات السيارات حاليًا بتصميم الهندسة العامة للسيارة واختيار المكونات التقنية من هذا المورد أو ذاك وطلبها مُعدَّلة بما يُلائم الغرض المطلوب، وبالتالي يمكننا اعتبار أن السيارة أصلية عند وجود محرك وهيكل فقط مصنوعان لدى الشركة حتى وإن كانت جميع المكونات الأخرى من شركات التوريد، مثل علبة التروس ونظام التعليق والمكابح والمصابيح والزجاج والمقاعد والشاشات في الداخل ومواد العزل والبطارية والأسلاك والعجلات… يكاد يستحيل على شركات السيارات تصنيع كل ذلك.
بتوضيح ما سبق، يمكن فهم سبب وجود علبة التروس الأوتوماتيكية الممتازة من شركة ZF في عدد هائل من السيارات الجديدة بما فيها بي ام دبليو وجاكوار وبنتلي وجيب ورولز رويس ومازيراتي ودودج وأستون مارتن وغيرها. وكذلك استخدام الحبر الأعظم من السيارات الرياضية مكابح بريمبو وجلود الكانتارا ومخامد بلستين، ووجود علامات ماجنا Magna وبوش Bosch وكونتيننتال ودينسو وNSK ودلفي Delphi وكيكيرت Keikert على عديد من مكونات السيارات سواء كانت ألمانية أو أمريكية أو صينية أو يابانية أو غيرها، والأمثلة تستمر… يمكنك الاطلاع على رابط صناعة مكونات السيارات لمزيد من المواضيع.
يقودنا كل ما سبق للتساؤل عن تقنية بدأنا برؤيتها حديثًا في عددٍ من السيارات وهي التوجيه بالعجلات الأربعة، فمن يصنع هذا النظام فعليًا؟

أوائل السيارات بالتوجيه الرباعي للعجلات
تعود القصة للعام 1893 عندما اخترع الانجليزي جوزيف ديبلوك أول نظام توجيه رباعي وأول نظام دفع رباعي أيضًا، لكن أول استخدام حقيقي لتقنية التوجيه بالعجلات الأربعة لسيارة مُعدّة للإنتاج التجاري كان في العام 1985 وبالتحديد في سيارة نيسان سكايلاين R31، تبعتها هوندا بريليود في العام 1987 وهوندا أكورد ومازدا مع طرازات MX-6 و626 وميتسوبيشي جالانت VR-4 وتويوتا سيليكا وكامري. توقف الصانعون عن استخدام التقنية لمدة قاربت العقدين لأسباب تتعلق بكلفة التصنيع وكلفة الصيانة والتأمين والإصلاح، لتعود التقنية الآن في السيارات الحديثة.
يبدو أن نظام التوجيه للعجلتين الخلفيتين من شركة زد اف ZF يستقطب معظم شركات السيارات، فقد أعلنت الشركة الألمانية الشهر الحالي عن إنتاج مليون وحدة من أنظمة التوجيه للعجلتين الخلفيتين والذي يُمكن استخدامه على المركبات التي يصل وزنها لـ 3.5 أطنان.
تُسمّي زد اف تقنيتها التحكم الحركي النشط Active Kinematics Control واختصارًا AKC، وكانت بدأت الإنتاج في العام 2013 وقدمت الجيل الثاني عام 2020 مع قدرة لتعديل زاوية العجلتين الخلفيتين بمقدار 10 درجات. تتوقع الشركة تزايد استخدام هذه التقنية مع وصول المزيد من السيارات الكهربائية للأسواق. فالبطاريات في معظم السيارات الكهربائية تتموضع بين المحورين وبما يزيد المسافة بينهما ويقلل فعالية نظام التوجيه التقليدي بالعجلتين الأماميتين فقط.
تتعاون أيضًا مجموعة شايفلر Schaeffler مع بوش Bosch لإنتاج أنظمة التوجيه الخلفي الذكية Intelligent Rear Wheel Steering iRWS، ويُشار إلى أن بوش تنتج العديد من النماذج لسيارات الركاب وكذلك للمركبات التجارية.
سنرى المزيد من السيارات الكهربائية تحديدًا بنظام التوجيه الرباعي
كيف يعمل نظام التوجيه للعجلات الأربعة؟
مبدأه بسيط، وغالبًا ما يتمثّل بتوجيه العجلتين الخلفيتين بعكس اتجاه العجلتين الأماميتين على السرعات البطيئة، وتوجيه جميع العجلات بنفس الاتجاه على السرعات العالية بدءًا من 60 كلم/ساعة تقريبًا. أما الآلية فتختلف حسب النظام وبعضها كهربائي بالكامل والآخر الكتروهيدروليكي وبجميع الحالات هناك كمبيوتر مسؤول عن حساب سرعة السيارة وتقرير كيفية توجيه العجلتين الخلفيتين.

ما فوائد التوجيه الرباعي؟
- تحسين الثبات على السرعات العالية
- رفع مستوى السلامة بشكل عام
- تحسين أداء السيارات الرياضية مثل بورشه 911 ورينو ميجان RS ولامبورغيني أفينتادور بما يضمن تفوقها على المنافسات
- تقليل قطر الدوران، وهذا مهم في السيارات الطويلة مثل مرسيدس اس كلاس وأودي A8 للتمكن من الانعطاف في الأزقة الضيقة وداخل مواقف السيارات
- تحسين أداء السيارات على الطرقات الوعرة وكذلك على الطرقات الزلقة والمكسوة بالثلج
- تسريع استجابة السيارة عند التوجيه
- تسهيل الاصطفاف وتقليل عدد مرّات المناورة للأمام والخلف للوقوف بشكل ملائم
هل هناك عيوب لأنظمة التوجيه الرباعي؟
طبعًا لكل شيء عيوب، وهنا نجد الوزن والتكلفة الإضافية عند شراء السيارة وتكلفة الصيانة الدورية وكذلك ارتفاع تكلفة تأمين السيارة، حيث تتوقع شركات التأمين مبالغ إضافية لإصلاح أضرار الحوادث.
اطلع على السيارات التي تستخدم التوجيه بالعجلات الأربعة هنا