ظهرت الطائرات والسيارات في نفس الفترة تقريبًا، وتبادل مهندسو ومصممو هذا وتلك الأفكار والتقنيات. ومع تطور الطائرات وتركيزها على الانسيابية استخدم صانعو السيارات العديد من تصاميم الطائرات ونسخوها في سياراتهم.
من الابتكارات التي انتقلت من الطائرات إلى السيارات الخُطوط الانسيابية، ومنها أغطية العجلات. استُخدمت هذه في الطائرات عندما كانت العجلات ثابتة وغير قابلة للطي، وكان لها العديد من المزايا مثل تحسين الانسيابية وحماية جسم الطائرة وأجنحتها من الوحل والحصى المُتطاير أثناء دوران العجلات في مرحلتي الإقلاع والهبوط.
استخدمت هذه الفكرة في السيارات، وطُبقت على نطاقٍ واسع، حيث أثبتت فعاليتها في زيادة انسيابية السيارة، إضافة إلى تحسين مُعدلات استهلاك الوقود، جرّاء انخفاض معامل الجر، وامتد استخدامها حتى نهاية القرن العشرين. ومن أبرز الشركات التي استخدمتها جنرال موتورز الأمريكية.

عمد الصانعون إلى تضمين هذه الأغطية أو التنانير، إما ضمن تصميم السيارة أو كإضافة تُبث بالبراغي على الجسم لإغلاق فتحة العجلات، وقُدمت أساسًا كمُساعدٍ انسيابي، حيث تحد من دخول الهواء إلى قوس العجلات، وتدفعه للانسياب على الألواح الجانبية لجسم السيارة، مما يُقلل من مُقاومة الهواء.
لماذا لا يتم استخدام أغطية العجلات لجميع السيارات؟
التكلفة: حيث كان يُكلف اعتمادها مبالغ إضافية.
ضرورة تقليص عرض الإطارات أو المحاور: يؤدي وجود هذه الأغطية إلى ضرورة تقليص عرض الإطارَيْن الخلفيَيْن أو المحور الخلفي، مع اضطرار الصانعين لترك هامش ما بين الإطار والغطاء، مما يُؤثر سلبًا على مطواعية وثبات السيارة.
لن تمنع دخول الهواء تمامًا: سيتسرب قسم من الهواء طبعًا خلال السير ويتراكم ضمن قوس العجلات، وبسبب عدم وجود فتحة لتصريفه، فسيؤدي ارتفاع حرارة الإطار جرّاء دورانه واحتكاكه بسطح الطريق، إلى ارتفاع ضغط الهواء المحصور داخل قوس العجلات، ويُضاعف مسألة ارتفاع ضغط الهواء داخل الإطار نفسه، مما يُؤدي لزيادة احتمالية انفجار الإطار، إلى جانب الإزعاج الذي سيشعر به الركاب جراء الضجيج.
إمكانية تراكم الوحل والثلوج: بالعودة إلى الأربعينات، قررت شركة ساب السويدية، والتي تتمتع بخبرةٍ كبيرة في إنتاج الطائرات، دخول مجال تصنيع السيارات، وتطبيق فكرة التنانير على العجلات الأمامية أيضاً! لذا قدمت النموذج الاختباري “أورساب Ursaab” حيث امتدت التنانير لتطغي جميع العجلات، ومع أن ذلك حسنّ انسيابية السيارة، وقلص قوة الجر بنسبة 50 بالمئة مُقارنةً بمُنافساتها، إلا أنه أدى إلى مُشكلةٍ أكبر، ظهرت عند هطول الثُلوج في فصل الشتاء التالي، إذ كانت أقواس العجلات الأمامية تنسدُّ وتمتلئ بالثلوج والوحل، ما يُؤدي إلى تعطيل عمل نظام التوجيه بحد ذاته، لذا اتجهت لتعديل التصميم وترك فتحات صغيرة لأقواس العجلات عندما قدمت طراز 92 للعُموم.

مع ذلك، هنالك العديد من الأمثلة على طرازات استخدمت أغطية العجلات الخلفية، وكانت أنيقة، منها بيوك رودماستر، وسيتروين “دي أس” و ” سي أكس”.
لاحقًاـ تغيرت اتجاهات تصميم السيارات، وانتقل الاهتمام نحو تركيب أقصى حجم مُمكن من الإطارات على السيارات، ولم تعد فكرة تركيب تنانير أو أغطية عليها لتحسين أدائها أو استهلاك الوقود بنسبٍ قليلة مجدية أو جذابةً، خُصوصًا مع التطور في زيادة كفاءة المُحركات، كما أن مظهرها لم يكن جميلًا على جميع السيارات.
تطبيقات ناجحة في رياضة السيارات
استُخدمت فكرة أغطية العجلات الخلفية في رياضة السيارات، المشغولة بهاجس تحسين الانسيابية، واشتُهرت كثيرًا خلال حقبة الثمانينات وحتى أوائل التسعينات، عبر سيارات التحمل الرياضية من المجموعة “ج C”.
كان لاستخدامها هدفين رئيسيين، أولها التقليل من كمية الأمطار ورذاذها الذي يدخل في الأقواس العجلات وينتشر إلى داخلها بحيث يُعيق عمل العجلات الدافعة، كما إنه ساهم بتقليص قوة الجر مما سمح لهذه السيارات بالوصول لسرعات تفوق 300 كيلومتر في الساعة بأريحية، خُصوصًا على الحلبات السريعة مثل دايتونا الأمريكية، أو مقطع مولسان المُستقيم في حلبة لومان الفرنسية الشهيرة.
في ذات الوقت، تسمح التنانير بمُضاعفة “تأثير فينتوري Venturi Effect”، المُتعلق بالهواء الذي يدخل لأقواس العجلات ويخرج منها. وينشأ هذا التأثير عندما يتسارع الهواء عند انسيابه داخل مسار ضيق ومدروس، وتسمح مداخل الهواء هذه الضيقة والمُصممة بعناية في الحفاظ على الإطارات والمكابح باردة، وإبقاء حرارتها ضمن المدى التشغيلي المُجدي لها، مع وجود مخرج لتصريف الهواء الزائد والساخن، بحيث يمنع زيادة ضغط الهواء وحرارته، مما يحد من احتمالية انفجار الإطار على سُرعات عالية خلال سباق.
من أشهر الأمثلة على تطبيق تنانير الإطارات الخلفية في السباقات، السيارة البريطانية جاكوار “أكس جاي آر 9 XJR”، التي قادها نجما رياضة السيارات البريطانية آندي والاس ومارتن بروندل. وفازا فيها بسباقي دايتونا ولومان في العام 1988، حيث منح استخدم هذه التنانير سيارة جاكوار، التي كانت المُزودة بمُحرك “في 12” بقوة 720 حصان، منحها مظهرًا قويًا، كما بدت أطول.
كما قدمت شركة ألفا روميو الإيطالية نموذج “اس إي 048 SE” بنفس هذه الفكرة، من أجل المُشاركة في المجموعة “ج C”، في أوائل تسعينات القرن العشرين، ولكنها لم تدخل المُنافسات.

مؤخرًا عاد الاهتمام بأغطية العجلات الخلفية مع الحاجة المُتزايدة للاستفادة من المدى التشغيلي الذي توفره بطاريات السيارات الكهربائية. ومع ذلك قررت معظم الشركات الإبقاء على العجلات مفتوحة ولكن أضافت أجزاء بلاستيكية على العجلات ذاتها لتحسين الانسيابية سواء للسيارات الكهربائية أو العاملة بالبنزين.

