- تاريخ بورشه باناميرا
قد يعود تاريخ بورشه باناميرا عند البعض لعشر سنوات، فقد تم تقديمها فعليًا في العام 2009، إلا أن الشركة الألمانية طالما بحثت في إمكانية إنتاج سيارة بأربع أبواب، فقدّمت عبر تاريخها العديد من الطرازات الاختبارية “لجسِّ النّبض” وانتهاز الفُرصة المُناسبة لاقتحام السوق.
تاريخ يعود للخمسينيات!
يعود تاريخ محاولات بورشه هذه إلى خمسينيات القرن الماضي، حيث نجح مهندسو الشركة في تطوير سيارة مريحة رباعية “المقاعد” بتصميم مستوحى من طراز 356. وحمل النموذج ذو المقاعد الأربعة اسم تايب 530 حيث جاء بقاعدة عجلات أطول وأبواب أكبر حجماً وسقف مرتفع من الخلف. ليلي ذلك طراز آخر في الستينيات مستوحى من 911 وبأربعة أبواب. وتجدُر الإشارة إلى أن فيري بورشه -ابن فريديناند بورشه مؤسس الشركة- كان يمتلك إحدى هذه السيارات المبتكرة.
في الثمانيات، عُرض نموذج آخر مبني على قاعدة طراز 928، وفي عام 1988، قامت بورشه بمحاولة جديدة وطورت سيارة تايب 989؛ وهي سيارة كوبيه رباعية الأبواب تتسع مقصورتها الداخلية من الخلف لمقعدين خلفيين كاملين. أما منظومة الدفع والحركة، فكانت تعمل بمحرك أمامي بثماني أسطوانات. تم لاحقاً دمج العناصر التصميمية التي يتميز بها طراز 989 في طراز 911 من جيل 993. ومع ذلك، ظلّ طراز 989 نسخة تجريبية، شأنه في ذلك شأن جميع السيارات الاختبارية. ولأسباب اقتصادية، توقفت عملية التطوير في أوائل عام 1992.
الضوء الأخضر مع الألفية الجديدة
مع بداية الألفية الجديدة، قامت بورشه بإجراء دراسات السوق اللازمة، وتحليلٍ وافٍ لميدان المنافسة؛ ومن ثم قررت تطوير سيارة صالون هاتشباك رباعية الأبواب. وقد كان الارتقاء إلى فئة السيارات الفاخرة – إلى حد كبير – استجابة لرغبة نابعة من رئيس المجلس التنفيذي للشركة حينئذٍ فيندلين فيديكنغ. حيث جاء على رأس قائمة المواصفات المعتمدة لهذه الفئة حيوية القيادة الاستثنائية والمساحة الداخلية الرحبة والتصميم الخارجي المثالي لبورشه. وتعقيباً على ذلك، قال مايكل ماور، نائب رئيس قسم التصميم بشركة بورشه: “كان هدفنا يتمثل في تصنيع سيارة رياضية رباعية المقاعد ذات خط سقف ينساب للخلف بشكل ملحوظ، وباب خلفي كبير وتصميم هاتشباك.” وخلال عملية التصميم، ظهرت الطرازات الاختبارية الثلاثة ميراج وميتور وفانتوم. وقد أخذ الطراز الإنتاجي الذي طُرِح في الأسواق فيما بعد كثيراً من ملامح طراز ميراج بمظهره الخارجي القوي حاد الملامح. وفي النهاية، تم استلهام عناصر تصميمة من الطرازات الثلاثة، ووقع الاختيار على اسم جديد: إنه باناميرا، وهو اسم مستوحى من سباق السيارات المكسيكي كاريرا بانامريكانا.

العام 2009 وبزوغ فجر جديد
ظهر طراز باناميرا رسمياً لأول مرة في 19 أبريل من عام 2009 في مدينة شنغهاي الصينية. وقد صُمِّم الطراز الأول من هذه الفئة الفاخرة – يُرمز له G1 – ليُرسي معايير جديدة في فئتها بفضل الجمع بين الطابع الرياضي المميز ومستويات الراحة الفائقة اللذين قلما يجتمعان في سيارة واحدة من هذه الفئة. كما جاء هذا الطراز زاخراً بالمكونات والأنظمة المبتكرة؛ فقد زُوِّد الطراز الأعلى في هذه الفئة -باناميرا توربو- بنظام التعليق الهوائي مع إمكانية التعديل حسب الحاجة، بالإضافة إلى جناح خلفي قابل للضبط والتمديد بأبعاد متعددة. ثم جاء كذلك طراز غران توريزمو ليمهِّد الطريق لجميع طرازات بورشه التالية بمفهومٍ جديدٍ من حيث وسائل العرض وأساليب التشغيل.
وسرعان ما تطوّرت الطرازات في هذه الفئة على نحو مستمر لتُقدِّم محركات تولِّد قدرة تتراوح بين 250 و550 حصاناً، وتعمل بالبنزين والديزل بالإضافة إلى أنظمة الدفع الهجينة، وذلك بنظاميّ دفع خلفي ورباعي. ففي البداية، كانت المحركات ذات السحب الطبيعي سداسية الأسطوانات وثمانية الأسطوانات تأتي مزودة بناقل حركي يدوي مكوّن من ست نسب. ولكن معظم عملاء العلامة الألمانية الفاخرة فضلوا اختيار ناقل الحركة سباعي النسب بالقابض المزدوج PDK المطوّر من بورشه. كما تم طرح منظومات قيادة تعمل بالديزل وأخرى هجينة مزودة بناقل حركة بثماني نسب.
أما طراز إكزيكتيف بقاعدة العجلات الممتدة، فظهر لأول مرة ضمن النسخة المُحسنَّة لعام 2013. وهكذا أصبحت المحركات أكثر قوة؛ فباتت تولد قدرة هائلة تصل إلى 570 حصاناً.

انطلاق الجيل الثاني في عام 2016
ظهر الجيل الثاني من طراز باناميرا لأول مرة على مستوى العالم في 28 يونيو 2016. وشمل التطوير هذه المرة جوانب متعددة؛ إذ جرى تطوير طراز ثالث على المنصة ذاتها باسم سبورت توريزمو، بالإضافة إلى طراز غران توريزمو المصمم على قاعدة عجلات قياسية وطويلة.
وأصبح الجيل الثاني من هذا الطراز أكثر رياضيةً وأناقةً مع احتفاظه بالمساحة الداخلية الرحبة؛ فتجد خط السقف ينساب إلى الوراء سريعاً، كما يتميز الجزء الخلفي من السيارة بانحناءة خفيفة، وتتألق الإضافة الخلفية الأفقية لتبرز الهوية الفريدة لهذه العلامة الفاخرة. وكما هو متوقع، تأتي هذه السيارة الرياضية مجهزة بعددٍ من الأنظمة والمكونات المبتكرة، كشاشات عرض رقمية جديدة وأساليب تشغيل مبتكرة. وبفضل أنظمة الشاسيه التي تشمل نظام التعليق الهوائي بثلاث حجرات وأسلوب التوجيه بالمحور الخلفي ونظام الثبات الكهرومغناطيسي المانع للانقلاب المُعزَّز بنظام بورش الرياضي للتحكم الديناميكي بالهيكل (PDCC Sport)، أصبحت باناميرا تتألق بأدائها المميز على مضمار السباق أثناء سيرها على الطرق العادية. وخير دليل على ذلك تحقيق رقم قياسي بتسجيل أسرع لفة في غضون 7:38 دقيقة في حلبة نوربورغرينغ نوردشلايفه لسباقات السيارات بقيادة لارس كيرن سائق بورشه، وذلك على متن سيارة باناميرا توربو بتجهيزات قياسية.
كما خضعت سلسلة المحركات لتحسينات مستمرة، في حين زادت قيم القدرة المتولدة من المحركات المتاحة، تم إدخال محركات جديدة في مختلف طرازات السلسلة مصحوبة بناقل حركة ثماني النسب من طراز PDK. وتجدُر الإشارة إلى أن نطاق القدرة المتولدة من المحركات كان يبدأ من 330 حصاناً، واليوم بلغ 680 حصاناً في أعلى طراز من فئة السيارات الكهربائية الهجينة القابلة للشحن.
نُسخ هجينة لأداء أفضل
حلَّقت بورشه إلى آفاقٍ جديدةٍ في عالم السيارات الكهربائية مع طراز باناميرا الهجين في عام 2011. ويُعد طراز باناميرا إس هايبرد أول طراز هجين بالكامل في فئة السيارات الفاخرة؛ فهو أكثر طرازات “بورشه” توفيراً في استهلاك الوقود حتى يومنا هذا رغم أنه يولِّد قدرة تبلغ 380 حصاناً. وبعد مرور عامين، عادت سيارة باناميرا إس إي-هابيرد مرة أخرى إلى الصدارة في هذه الفئة باعتبارها أول سيارة كهربائية هجينة قابلة للشحن مباشرة بالكهرباء في العالم بقدرة متولَّدة تصل إلى 416 حصاناً مع إمكانية قطع مسافة تصل 36 كيلومتراً بالاعتماد على الطاقة الكهربائية بالكامل.
في الجيل الثاني من باناميرا، اعتمدت بورشه الأداء الكهربائي في جميع إصدارات هذا الطراز؛ فجرى استلهام استراتيجية تعزيز الأداء من السيارة الخارقة 918 سبايدر لتوفير أفضل أداء في هذه الفئة لا تراه عادةً إلا في السيارات الرياضية، ولكنه يتميز عليها بكفاءة استهلاك الوقود، بالتحديد في سيارة باناميرا 4 إي-هايبرد ذات قدرة 462 حصاناً وأعلى طراز في هذه الفئة باناميرا توربو إس إي-هايبرد بقدرة متولدة من نظام القيادة تبلغ 680 حصاناً.
لم تكن تُخطط بورشه لإنتاج أكثر من 20 ألف سيارة سنويًا من طراز باناميرا، ولكن استطاعت الشركة الألمانية إنتاج أكثر من 235 ألف سيارة وتسليمها لأصحابها حتى اليوم.
وفي هذ الشأن، علَّق جيرنوت دولنر نائب رئيس خط انتاج باناميرا من عام 2011 حتى عام 2018، والمسؤول الحالي عن تطوير السيارات الاختبارية في بورشه قائلاً: “استطعنا في الجيل الثاني من هذا الطراز أن نعتمد الاستراتيجية الهجينة القائمة على تعزيز الأداء من طراز 918 سبايدر في فئة السيارات الفاخرة. وحظيت هذه الاستراتيجية برضا واستحسان من جانب العملاء؛ ففي عام 2018، بلغت نسبة السيارات المزودة بنظام قيادة هجين 67 بالمائة من طرازات باناميرا باختلاف إصدارتها التي تم تسليمها للعملاء في أوروبا.
صور بورشه باناميرا جي تي اس للعام 2019
تعليق واحد