ما الذي مكَّننا من تمييز السيارات في السابق؟ وما الطريقة الجديدة التي يستخدمها الصانعون للتميُّز؟
الإجابة البديهية للسؤال الأول: أشكالها المُختلفة طبعًا. ويختلف الأمر وفقًا للحقبة؛ ففي الخمسينيات على سبيل المثال تميّزت السيارات الأمريكية بطابع خاص ومُختلف تمامًا عن السيارات الألمانية، والأخيرة اختلفت عن اليابانية وغيرها. كما اختلفت التصاميم بين العلامات بشكل كبير إلى أن حدَّدت قوانين السلامة بعض التفاصيل، كحجم المصد الأمامي والمادة المُصنوع منها، ثم جاءت حِيَل تحسين الانسيابية لتُلغي النتوءات غير الضرورية على الجسم وتشحذه بشكل ناعم، ثم عادت قوانين السلامة لتُهذّب غطاء المُحرك فتُميله قليلًا للأعلى بُغية تقليل تأثير الاصطدامات على المُشاه، وهكذا دواليك.
تتابعت التشريعات والأسباب بين السلامة والانسيابية (لتقليل الضجيج واستهلاك الوقود) وسهولة الاستخدام والاعتمادية وغيرها إلى أن أصبحت السيارات الجديدة مُتشابهة بشكل كبير… ضمن الفئة طبعًا. ويكاد لا يُفرِّق المرء -غير المُتخصص- بين هذه السيدان وتلك، ولا يستطيع معرفة علامة الهاتشباك بالنظر لها من الجانب، وسيضيع حتمًا في بحر السيارات المُدمجة – كروس أوفر مُتزايدة الانتشار.
ما الحل إذن؟ وما جواب السؤال الثاني؟ وكيف للشركات أن تُغري الزبائن بمُنتجاتها؟ فالانطباع الأول مُهم، وينبغي أن تُبهر السيارة الجميع فور رؤيتها بالرغم من تشابه الخطوط الخارجية مع طرازات أخرى.
المصابيح هي الحل
يتمثّل الحل بعناصر الإضاءة، فحجم وشكل المصابيح قابل للتعديل بسهولة حاليًا، وتقنية الإضاءة بالصمام الباعث للضوء LED غيّرت الكثير وفتحت بابًا على عددٍ لا نهائي من الأشكال والرسومات الجديدة، بل أننا ننتظر المزيد من هذه التقنية لطواعيتها وانسجامها بما يود المُصمم الخروج به.
باتت عناصر الإضاءة أول ما يُلفت النظر في السيارات الجديدة وأهم مُفتاح لانطباع أولي طيّب
تنوّعت أشكال السيارات في السابق ولكن كانت المصابيح دائمًا دائرية، بل اشتركت بعض الشركات بذات المصابيح لأن تصميم نظام الإضاءة ومكوناته كانت مُكلفة للغاية، أما اليوم فنرى مع مصابيح LED تصاميم مُخلتفة؛ طولية وعرضيه ومائلة وما شئت، وعروضًا ضوئية مُثيرة عند فتح السيارة وإقفالها، بل تتكفّل أساليب عرض الإضاءة بالكشف عن هوية الطراز، ويُمكنك ببساطة تمييز سيارة أودي مثلًا عن سيارة بي ام دبليو حتى بالليل ومن مسافة بعيدة.

أصبحت المصابيح التي طالما أدت وظيفة واحدة فقط عنصرًا حيويًا ومُهمًا في التصميم.
ما التالي؟
لدينا الآن مصابيح جذّابة بتصاميم مُختلفة مع إضاءة مُتتالية للغمّازات ومُتكيّفة للضوء العالي وقابلة لتعتيم جُزء منها تلقائيًا لتقليل انبهار السيارات في المُقدمة وحسب الحاجة. فما الذي سنراه مُستقبلًا؟
واحدة من الشركات المُتخصصة في هذا المجال هي شركة ماجنا Magna الكندية (تضم تحت لوائها ماجنا شتاير النمساوية)، والتي تقدم حلول الإضاءة مدة طويلة لصالح شركة أودي. تقول ماجنا أن مُقترحاتها التي ظهرت في سيارات أودي الاختبارية لاقت إقبالًا طيبًا ويبدو أن الردود الإيجابية ستدفع عجلة التطوير مُستقبلًا، حيث ستزداد التفاصيل والزخرفات في المصابيح، كما سترتفع قدرة المصابيح على رصد المُشاه والدراجين وتنبيه السائق لهم أو حتى التواصل مع المُشاه عبر عرض رسومات توضيحية أو جمل مُبسّطة على الطريق. ولا شك أن المزيد من شركات السيارات ستبدأ باستخدام المصابيح لعرض ألعاب الكمبيوتر ومُشاهدة فيلم رسومات مُتحركة أو حتى تأدية عروض بصرية وموسيقية مذهلة مثل سيارة اكس بينج P7 التي صممها رفيق فرّاج.
تتسابق أودي ومرسيدس-بنز وبي ام دبليو في تقديم أفضل المصابيح وأكثرها تطورًا، وقد تميل الكفّة لصالح أودي السبّاقة في هذا المجال
الدكتور عبد المالك حنفي ومصابيح الليزر
لدى الدكتور عبد المالك حنفي كبير مُطوري النظام البصري في شركة بي ام دبليو العديد من الاختراعات المُرتبطة بالمصابيح، وأهمها يرتبط باستخدام ضوء الليزر في السيارات. استطاع الدكتور عبد المالك تقديم إضاءة الليزر سنة 2014 مع تطويره لمصابيح سيارة i8، وشكّل ذلك ثورة في المدى الذي تستطيع المصابيح إنارته ووصل إلى 600 متر!
يقول الدكتور حنفي أن مصابيح الليزر تتفوّق على المصابيح العاملة بتقنية LED، فهي أصغر حجمًا وتحتاج طاقة أقل بنسبة 30%
عودة إلى ماجنا، تقترح الشركة تقنية جديدة تُسمّيها فليكس فورم FlecsForm، عبارة عن صفحة رقيقة قابلة للثني وفق شكل السيارة، تُبقي المصابيح مخفيّة تحت غطاء مُعتم لحين توجُّب استخدامها. لا تعتقد أن ذلك يُلغي فكرة تميّز السيارة عندما تكون الإضاءة مخفيّة، فعدم وجود مصابيح واضحة قد يشد انتباهك أكثر!
