سيكون مُحرك من 12 أُسطوانة من إنتاج “كوزوورث” القلب النابض لطراز “T. 50″، آخر إبداعات مُصمم السيارات الفذّ غوردن مورّاي.
يعمل مُصمم السيارات الجنوب إفريقي – البريطاني غوردن مورّاي Gordon Murray بجدٍّ ودأبٍ على تطوير طراز “تي. 50 T”، الرياضي الخارق، الذي يُعتبر بمثابة الخليفة الروحي لطراز “ماكلارين F1” علمًا بأن مورّاي نفسه أشرف على تصميمه وتطويره قبل 30 عامًا تقريبًا.
والآن، كشفت مؤسسة “غوردن مورّاي للسيارات Gordon Murray Automotive GMA” القائمة على هذا المشروع عن تعاقدها مع مُؤسسة “كوزوورث Cosworth” المُتخصصًّة بإنتاج المُحركات الرياضية، لتزويدها بمُحرِّكٍ من 12 أُسطوانة على شكل حرف V سعة 3.9 ليترات. وفي هذا مُحاكاةٌ أيضاً لمُحرك بي أم دبليو بذات التركيبة الذي استُخدمَ في سيارة “ماكلارين أف 1″، وقال مورّاي بأنه استلهم فكرة هذا النوع من المُحركات خفيفة الوزن والقوية من مُحرِّك سيارة فيراري “250 جي تي أو GTO” المُؤلَّف من 12 أُسطوانة على شكل V سعة 3.3 ليترات.

يُلَّبي هذا المُحرِّك، المُسَّمَى 12 Cosworth GMA – V مُتطلبات مورّاي لسيارته الخارقة، خفة الوزن وليِّن العريكة لما يُريده السائق منه فورًا وبسُرعة دوران عالية، وصوته رياضي عالٍ، وبلا تعقيدات الإضافات الأخرى مثل الضاغط التوربيني، إذ إنه بسحبٍ طبيعي، ويُعتبر أقوى مُحرِّكٍ من 12 أُسطوانة يُستخدم في سيارةٍ صالحةٍ للسير على الطرقات لغاية الآن (بهذه السعة)، مع قوة 654 حصان (663 حصان متري)، وعزم دوران 467 نيوتن – متر عند 9000 دورة في الدقيقة، وحدّ أقصى للدوران 12100 دورة في الدقيقة، ويتوافر 70% من عزم الدوران عند 2500 دورة في الدقيقة، مما يجعل السيارة مُلائمةً للاستخدامات اليومية.
تبلغ زاية الانفراج بين ضِفَتَّي المُحرك 65 درجة، وهذا يُؤمن شكلًا مضبوبًا، مع 48 صمّامًا (4 صمامات لكل أُسطوانة)، ويُقدِّم مُعدَّلات استثنائية؛ يُعطي 166 حصانًا لكل ليتر من سعة المُحرِّك، ونسبة القوة للوزن 100 حصان لكل 150 كيلوغرام من وزن السيارة. كما صُمَّم هذا المُحرك ليكون وفيًا لمفاهيم المُحركات الرياضية مُستوحًى من مُحرِّكات الفورمولا واحد القديمة؛ فلا يوجد فيه كثيرٌ من الأحزمة الناقلة، بل تُروسٌ مُتصلة ببعضها، وصُمم ليكون شكله نظيفًا وأنيقًا، وفي هذا الصدد سيكون غطاء المُحرك شفافًا بما يُتيح لمالك السيارة والفضولين الاستمتاع بشكل المُحرِّك أيضاً، بدون أغطية حماية من اللدائن أو الألياف الفحمية كما هو شائعٌ حاليًا في صناعة السيارات.
وزن المحرك الجبّار يعادل 178 كيلوغرام فقط
كُتلة المُحرك مصنوعةٌ الألومنيوم عالي القوة، في حين صُنع العمود المرفقي من الفولاذ، ويزن 13 كيلوغرامًا فقط، أما قُضبان الوصل والصمامات فصُنِعَت من التيتانيوم، ولا يتشارك أي جُزءٍ مع أي مُحرِّك إنتاج تجاري آخر في السوق، ويبلغ وزن المحرك بالكامل مع أجزاءه 178 كيلوغرام فقط. ويتصل المُحرك بعُلبة تُروس يدوية من ست نِسَب، من إنتاج “أكس تراك Xtrac” المُتخصصة في إنتاج عُلب التُروس لسيارات السباق، وزنها 85 كيلوغرامًا فقط، أي أخف بـ 10 كيلوغرامات من عُلبة التُروس في سيارة “ماكلارين أف 1”. يقِّلُ الوزن الأقصى للسيارة عن طن واحد، ما يجعلها سيارةً مثاليةً للقيادة صرفة.
يقول مورّاي: “أكثر من نصف مُتعة القيادة الحقيقية تتأتَّى من المُحرك، لذا قررت مُنذ البداية أضع أعلى معيار جديد مُمكن – من أجل إنتاج أعظم مُحرك (في 12) في العالم بسحبٍ طبيعي، ويحتاج المحرك أن يكون ذا شخصيةٍ صحيحة ليكون مُميزًا بحق، عالي الاستجابة، وصوته رائع، وتقديم عزم دوران فريدٍ من نوعه، وبأقصى عدد مُمكن من عدد دورات المُحرك، وأن يكون بسحبٍ طبيعي. ولجميع هذه الأسباب، فإن مُحرك T. 50 لن يكون سوى مُحرك V12”
وأضاف: “وفوق كل هذا، أريد أن يبدو تصميمه نظيفًا كما مُحرك (بي أم دبليو أس 70/ 2 – BMW S 70/ 2) والذي لا يحوي أغطيةً مصنوعةً من الألياف الفحمية أو اللدائن، لن ترى أعلاه سوى مَجمَع المدخل وأغطية أعمدة الحدَبات ومَجمَع العادم، وبعض الأجزاء الثانوية التي تُدار بأحزمة تمكَّنتُ من حشرها في مكانٍ بعيدٍ عن النظر. أردتُ أن يكون هذا المُحرك ترياقًا للسيارات الرياضية الخارقة العصرية، حيث لا يُمكن أن ترى المحرك وهو مخفيٌّ تحت أغطية الألياف الفحمية”.

أما يروس وود Bruce Wood، المُدير الإداري لـ “كوزوورث”، فقد وصف مشروع محرك “تي. 50” بأنها “أحد أصعب” المشاريع التي عملت عليها المُؤسسة، ولكن الاشتراك في المشروع كان “إثارةً حقيقيةً”.
وقال بروس: “مثَّلت المعايير والمقاييس التي حدَّدها غوردن لمُحرِّك T.50 أحد أصعب التفاصيل حول المُحركات التي عملنا عليها، لقد تجاوز الحُدود من كل ناحية، وإنه لإثارةٌ حقيقيةٌ لأي شخصٍ في كوزوورث أن يكون جُزءًا من شيءٍ سيكون بالتأكيد مركبةً خلّابةً كما كانت سيارة (ماكلارين أف 1) التي صممها غوردن”.
أما السيارة، فتتميَّز بكونها ذات انسيابية فائقة بما يتلاءم مع سيارة رياضية خارقة، لكن وضع مورّاي بصمته عليها ما سيجعلها فريدةً تمامًا مُقارنةً بأي سيارةٍ خارقة في السوق، إذ اعتمد تصميمًا أثار الجدل في الفورمولا واحد عندما قدَّمه هذا المُصمم العبقري قبل 42 عامًا تقريبًا، مع سيارة برابهام Brabham طراز “46 BT”، ألا وهو استخدام مروحة قُطرها 40 سنتيمِترًا في القسم الخلفي للسيارة، مُتعدَّدة الفوائد، تبريد المحرِّك عبر سحب الهواء الساخن ولفظه خارجًا، وتحسين كفاءة السيارة، وتقليص قوة الجرّ وتعزيز الارتكازية Downforce بدون الحاجة لجناحٍ كبير الحجم وتعزيز قوة الكبح، كما تُساهم في جعل أداء السيارة كما لو أنها بقسمٍ خلفيٍّ طويل Long-tail “افتراضي” كما يُحِّب الرجل تسميته، ويتكامل عمل المروحة مع مجموعة زوائد انسيابية Ground Effects وناشر الهواء وأجزاء انسيابية مُتحركة، بحيث يُساعد أيضاً في تعزيز عمل المكابح وتوجيه السيارة على سبيل المثال لا الحصر، وذلك عبر ستّ وضعيات مُحددَّة مُسبقًا لضبط الأجزاء الانسيابية المُتحركة.

بحسب مورّاي فإن تصميم سيارة رياضية خفيفة الوزن لا يتعلَّق باستخدام مواد مُتطورة مُعينَّة، بل تأتي من الحالة الذهنية، والتركيز الشامل والسيطرة، ومن الإدراك الحصيف لخفة الوزن والتصميم المثالي. جديرٌ بالذكر أن شركة مورّاي تعاونت مع فريق “رايسينغ بوينت Racing Point” لسباقات الفورمولا واحد من أجل استخدام نفق الهواء الخاص بهم، باستخدام نماذج تُمثِّل 40 بالمئة من حجم السيارة الأصلي، وهي مُمارسةٌ مُتَّبعةٌ لدى غالبية شركات صناعة السيارات، لكن الجديد فيها استخدام نفق هواء خاصّ بسيارات السباق.
أخيرًا، ستُقدِّم شركة مورّاي سيارةً نموذجيةً “بروتوتايب Prototype” يُمكن قيادتها بحُلول شهر أيلول (سبتمبر) المُقبل. علمًا بأنهم سيكشفون عن السيارة في الرابع من آب (أغسطس) المُقبل.
ماذا عن “كوزوورث Cosworth”
ربما تكون قد سمعتَ بهذه الشركة إن كُنت من مُحبِّي سباقات الفورمولا واحد، ولربما تعرف ماضيها المجيد إن كُنت من المُخضرمين، تأسست هذه الشركة في العام 1958، على يدِّ أسسها مايك كوستين Mike Costin وكيث داكوورث Keith Duckworth، اللذان عمِلا سابقًا في شركة “لوتُس الهندسية المحدودة Lotus Engineering Ltd”، جاء اسم الشركة من الأحرف الأولى لاسم عائلة مايك والأحرف الأخير من اسم عائلة كيث.
تخصَّصت “كوزوورث” في هندسة وتصميم مُحركات السباق، وبلغت أوج قوتها عندما تعاقدت معها فورد لتزويدها بمُحركات الفورمولا واحد، وهيمنت لعُقودٍ على المشهد العام للفورمولا واحد في أوج هيمنة الفرق المُستقلة، مُسجِّلةً الفوز بـ 176 جائزة كبرى، فضلًا عن تزويدها العديد من سلاسل السباقات بالمُحرِّكات مثل فئات التسابق الصُغرة و “إندي كارز IndyCars” و “تشامب كارز Champ Cars” الأمريكيَّتَيْن و بُطولة أُستراليا لسباقات السيارات السياحية ATCC، وبُطولة العالم للراليات WRC. كما أصبحت تُقدِّم خدمات استشارية وهندسية تتعلق بالمُحركات وتقنيات السيارات.

اقرأ أيضًا:
غوردن موراي يعرض تفاصيل T.50، شاهد المروحة في الخلف!