تقدم كارلوس غصن الرئيس السابق لتحالف رينو نيسان ميتسوبيشي، بقضية ضد شركتي “نيسان موتورز” و”ميستوبيشي موتورز” بعد أن عُزِل عن رئاسة التحالف، وطُرِد منصبه كرئيس تنفيذي في نيسان وميتسوبيشي ورينو على خلفية تهم متعلقة بسوء التصرف المالي.
وأشارت وكالة رويترز وفرانس برس إلى أن غصن يُطالب بالحصول على 15 مليون يورو (16.8 مليون دولار أمريكي) كتعويض من الشركتين، بسبب “الانهاء التعسفي لعقده” وذلك لدى محكمة هولندية.
من جهته أفاد لورنس دي غراف مُحامي السيد غُصن أنه “ارتُكبت أخطاء جسيمة عند طرده”، ففي هولندا، يجب على الشركة أن تفصح أولًا عن التهم الموجهة، وتظهر الأدلة قبل أن تطرد مديرًا، وهو ما لم يحدث مع غُصن.
لماذا هولندا وما الذي يحدث في اليابان؟
كارلوس غصن حالياً قيد الإقامة الجبرية في طوكيو، وبالرغم من حيازته للجنسية اللبنانية والفرنسية والبرازيلية، إلا أنه كان اختار هولندا كموطن ضريبي في العام 2012، وهي -هولندا- الموطن الضريبي أيضًا لنيسان وميتسوبيشي.
أما في اليابان، فقد تواجه نيسان غرامة تبلغ حوالي 37 مليون دولار أمريكي نَسَّبت بها هيئة الأوراق المالية والبورصة اليابانية، وذلك لقيام نيسان بالإعلان عن دخل أقل لـ غصن طوال السنين الماضية.
تُهم لم تُثبَت بعد
وُجّهت 15 تُهمة لغُصن، منها أربعة تتعلق باختلاس الأموال، وأوقف لأكثر من 130 يومًا في طوكيو بالرُغم من عدم بدء محاكمته، حيث يُتوقع أن تبدأ العام القادم. وقال نائب رئيس الادعاء أنه وفي حال إثبات التُهم فقد يواجه غصن حُكمًا بالسجن لـ 15 عامًا وغرامة تُقدر بـ 1.4 مليون دولار.
يؤكد غُصن باستمرار وبنفس الثقة أنه بريء وأن الاتهامات الموجهة إليه محض أكاذيب ومؤامرة ليس إلا. وكان في أبريل الماضي سجّل فيديو قبل القبض عليه للمرّة الثانية قال فيه أن أمر اعتقاله لا يرتبط بالجشع أو سيادية قراراته السابقة، وإنما هو طعنة من الخلف، وأضاف أن بعض مسؤولي شركة نيسان تخوّفوا على مناصبهم وعلى إمكانية تقرير نيسان لمصيرها في حال تمكّن (غصن -وفقًا لخطته السابقة) دمج شركة نيسان ورينو وميتسوبيشي في كيان واحد.
قد يكون تعاطفنا مع قضية كارلوس غصن مبني على احترام لشخصية رائدة في صناعة السيارات، ولكن يُجدد كارلوس احترامنا له بظهوره عبر الفيديو أدناه معنيًا وبشكل فعلي بمستقبل نيسان، الشركة التي أنقذها من حافة الإفلاس وكان يأمل معها -ومع رينو وميتسوبيشي- إنشاء الامبراطورية الأكبر لصناعة السيارات.
بالمُقابل كان هيروتو سايكاوا Hiroto Saikawa الرئيس التنفيذي لنيسان موتور قال بعد القبض على غصن أن الكثير من السلطات كانت في يد كارلوس غصن، وأضاف خلال انتقادات لاذعة ”أشعر بخيبة الأمل والحسرة على خيانة ثقة الكثيرين بهذا القدر“. واستغرب المحللون توجيه سايكاوا القدر الكبير من الانتقادات خلال المؤتمر الصحفي، وعدم وجود أي تعاطف مع الرجل الذي انتشل الشركة من هاوية الإفلاس.
وهوت الاتهامات بصورة السيد غُصن الذي يتمتّع باحترام دولي ويُنسب له الفضل في تكوين تحالف رينو-نيسان-ميتسوبيشي موتورز الضخم. حيث شغل كارلوس غصن منصب رئيس تحالف، ورئيس نيسان ورئيس مجلس الإدارة، والرئيس التنفيذي ورئيس مجلس إدارة شركة رينو الفرنسية، ورئيس شركة ميتسوبيشي موتورز، ورئيس مجلس إدارة مصنع السيارات الروسية أفتوفاز أيضًا. كما أثار سقوط الزعيم التجاري البالغ من العمر 64 عاما تساؤلات بشأن مستقبل التحالف الذي يُنتج واحدة من بين كل 9 سيارات تباع في جميع أنحاء العالم ويوظف أكثر من 450 ألف شخص.
وبعد القبض عليه للتحقيق، فُصِل غصن من منصبه في نيسان وميتسوبيشي كما استقال من منصب الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس الإدارة في رينو في يناير / كانون الثاني 2019.
القضيّة باختصار
كان تحقيق داخلي في نيسان استمر لأشهر خلص إلى ارتكاب كارلوس غصن مخالفات مالية تضمّنت الاستخدام الشخصي لأموال الشركة وعدم الكشف عن كل ما يتحصل عليه في الأوراق الرسمية. وأساء استغلال منصبه عن طريق استخدام الشركة بشكل غير لائق للمساعدة في تسوية الخسائر في استثمارات الأفراد خلال الأزمة المالية العالمية. من جهة أخرى، ذكرت وسائل إعلام يابانية أن غصن ظل لسنوات يفصح عن أنه يتقاضى أجرًا سنويًا بنحو خمسة مليارات ين ياباني ( 4,445,000 دولار أمريكي تقريبًا)، بينما كان يحصل على نحو عشرة مليارات ين. وخلصت آخر التقديرات إلى أن كالورس غصن لم يُفصح عن حوالي 80 مليون دولار أمريكي بين الأعوام 2010 و 2018.
أما غُصن، فقد وضّح بأن الترتيبات المالية تمت الموافقة عليها من قبل المديرين التنفيذيين المعنيين داخل نيسان ولم تكن غير مناسبة. من جهة أخرى ذكر كارلوس غصن في مقابلة مع مؤسسة نيكي للأنباء بأن “كانت هناك خطة” لدمج شركات صناعة السيارات الثلاث، وأنه تمت مناقشتها مع الرئيس التنفيذي لشركة نيسان هيروتو سايكاوا، وقال غصن إن خطته كانت منح نيسان ورينو وميتسوبيشي حكمًا ذاتيًا تحت مظلة شركة واحدة.
وتكهن المحللون بأن إدارة شركة نيسان كانت غير مرتاحة حول إمكانية قيام رينو وغصن بالسيطرة الكاملة على نيسان، التي تبيع أكثر من رينو، ورغم ذلك لا تملك سوى 15 ٪ من أسهم نيسان ولا تملك حقوق التصويت، بينما تملك رينو أكثر من 40٪ في نيسان.
رد نيسان على تصريحات غصن
من جانبها، علقت شركة نيسان على الأمر مُذكّرة بأن سايكاوا “سبق أن نفى بشكل قاطع فكرة وجود انقلاب”. وقالت الشركة اليابانية في بيان أن التحقيق الذي تجريه المجموعة في السر منذ صيف العام 2018، “كشف أدلة مهمة ومقنعة بشأن مخالفات مالية”. وقال متحدث باسم نيسان أن “السبب الوحيد وراء سلسلة الأحداث الأخيرة هو سوء السلوك الذي يقوم به غصن”.
نُبذة عن كارلوس غصن
تربى كارلوس غصن في لبنان حيث أنهى دراسته الإبتدائية والإعدادية. ونجح في إعادة الانتعاش الاقتصادي وزيادة أرباح رينو بعد قيامه بإعادة هيكلة جذرية للشركة في أواخر 1990 وفي بداية عام 2000 أنقذ شركة نيسان من الإفلاس الموشك فأضحى شخصية معروفة ومحترمة، ووثقت نجاحاته وإنجازاته كتب رسوم المانجا اليابانية.
بدأ غصن، البرازيلي المولد المنحدر من أصول لبنانية والذي يحمل الجنسية الفرنسية، حياته المهنية في شركة ميشلان الفرنسية، حيث عمل بعد تخرجه من الجامعة عام 1978 في شركة ميشلان للإطارات، وفي عام 1981 أصبح مدير مصنع الشركة في مدينة لو بوي أون فيليه الفرنسية وبعدها مديراً للعمليات لميشلان في أمريكا الشمالية عام 1989 ليصبح في عام 1990 رئيس الشركة التنفيذي في أمريكا الشمالية.
أما مع رينو ، فكان أن عمل كارلوس غصن في عام 1996 كنائب المدير العام للشركة المسؤول عن المشتريات، وتطوير الأبحاث، والهندسة والتطوير، والتصنيع. وكانت خطته لإعادة البناء الجذرية أدت لانتعاش الشركة.
في عام 1999 أنشأت رينو ونيسان تحالفًا وصار غصن مديرًا للعمليات مع بقائه في عمله في رينو، وأصبح رئيسًا لنيسان في عام 2000 حيث كانت مديونة بأكثر من 20 مليار دولار. أعاد غصن شركة نيسان إلى الموقع الذي فقدته لسنوات طويلة وأعاد لها أرباحها، وخلال 3 سنوات أصبحت واحدة من أغنى شركات صناعة السيارات.
في مايو 2005، عُيّن غصن كرئيس ورئيس تنفيذي لشركة رينو، وعندما تولى منصب الرئيس التنفيذي لشركة رينو وشركة نيسان، أصبح بذلك أول شخص في العالم يدير شركتين في قائمة فورتشين جلوبال 500 في وقت واحد. وفي يونيو 2012 عين غصن كنائب رئيس مجلس إدارة مصنع السيارات الروسي أفتوفاز.
يعد غصن عنوان الكثير من المواضيع ورسائل الماجستير والمقالات بين طلاب إدارة الأعمال وهو يجيد أربع لغات بطلاقة وهي العربية والفرنسية والبرتغالية والإنجليزية، وقد تعلم اليابانية أيضًا.
اقرأ أيضًا: