تعمل العديد من الدول على تشديد قوانين الانبعاثات للحد من تأثير المركبات على الاحتباس الحراري، وتُجبر هذه القوانين شركات السيارات إيقاف تصنيع مركبات بمحركات الاحتراق الداخلي والتوجه نحو تطوير السيارات الكهربائية ببطاريات Battery Electric Vehicle BEV وخلايا وقود الهيدروجين Fuel Cell Electric Vehicle FCEV.
بالرغم من أن سوق السيارات الكهربائية ببطاريات BEV بدأ بالنمو في العديد من قطاعات النقل، فإن حدود كثافة الطاقة لبطاريات الليثيوم أيون تعني أن المدى التشغيلي للمركبات الكهربائية ببطاريات محدود بالوزن والمساحة، كما أن تكلفة البطاريات عالية وشحنها بطيء. بالمُقابل، توفر تقنية خلايا وقود الهيدروجين إمكانية لمدى تشغيلي أطول وفي ذات الوقت انبعاثات صفرية من المركبة.
نحاول هُنا استكشاف الوضع الحالي لمركبات خلايا وقود الهيدروجين FCEV في سيارات الركاب والمركبات التجارية، ونتعرف سريعًا عن مزايا وعيوب التقنية ونقارنها بالسيارات الكهربائية.
خلايا وقود الهيدروجين
توِّلد خلية الوقود الكهرباء من خلال تفاعل كيميائي بين الهيدروجين (المُخزَّن في خزانات مضغوطة) والأكسجين (من الهواء حول السيارة)، ويمكن لأنظمة خلايا الوقود أن توفر كثافة طاقة أكبر من المحركات الكهربائية للبطارية الحالية. تتيح كثافة الطاقة المحسّنة هذه مدى تشغيليًا أكبر مقارنة بالمدى الذي توفره المركبات الكهربائية ببطاريات.

من المزايا المهمة الأخرى لأنظمة خلايا الوقود أن تعبئة الهيدروجين في الخزانات تشبه التزود بالبنزين أو الديزل أو الغاز في السيارات التقليدية (بضع دقائق) وهي أسرع بكثير من الشحن الكهربائي البطيء الذي قد يستغرق عدة ساعات. بما سبق، تتفوق مركبات خلال وقود الهيدروجين FCEV خاصة في الشاحنات والحافلات الثقيلة، لوجود متطلبات عالية للمدى التشغيلي اليومي، وساعات العمل الطويلة.
سيارات بخلايا الوقود FCEV
إن استخدام خلايا الوقود للمركبات ليس وليد اللحظة، فقد استثمرت شركات مثل تويوتا وفورد وهوندا وجنرال موتورز وهيونداي وفولكس واجن ومرسيدس وبي ام دبليو الكثير على مدار الثلاثين عامًا الماضية في تطوير هذه التقنية. لكن حتى العام الماضي، كانت تويوتا وهيونداي وهوندا فقط الشركات التي تقدم سيارات بخلايا الوقود للعامّة، لذا، فبقي رواج التقنية متواضعًا مع أقل من 9,000 مركبة بخلايا الوقود بيعت عام 2020. للمقارنة، بيعت نحو 3 ملايين سيارة كهربائية تعمل بالبطاريات في ذلك العام.

التحدي الأكبر – توليد الهيدروجين
يتمثل التحدي الأكبر في خفض تكلفة مكونات نظام خلايا الوقود وعدم انتشار البنية التحتية للتزود بالهيدروجين، وكذلك طريقة الحصول على الهيدروجين من الطبيعة.
هناك عدة طرق لفصل غاز الهيدروجين، وبحيث يحظى الناتج بعدة أسماء:
- الهيدروجين الرمادي: يُنتج بطريقة هي الأرخص والأكثر قابلية للتطوير، وهي عبارة عن إعادة تشكيل بخار الميثان (الغاز الطبيعي). تُنتج هذه العملية كمًا كبيرًا من ثاني أكسيد الكربون، وبالتالي إمكانياتها محدودة فيما يتعلق بخفض الانبعاثات.
- الهيدروجين الأزرق: يُنتج أيضًا من إعادة تشكيل بخار الميثان أو الغاز الطبيعي، ولكن كمية ثاني أُكسيد الكربون الناتجة يتم التقاطها وتخزينها بدلًا من صعودها إلى الجو. لذا، يُسمى هذا النوع أيضًا بالهيدروجين منخفض الكربون
- الهيدروجين الأخضر: باستخدام الكهرباء من مصادر متجددة بما في ذلك الرياح والطاقة الشمسية والطاقة المائية ، وتقسيم المياه إلى هيدروجين وأكسجين من خلال التحليل الكهربائي ، ومع ذلك ، فإن فعالية التكلفة لهذه الطريقة تعتمد على استخدام الكهرباء المتجددة الرخيصة ، والتي هي غير متاح على نطاق واسع حتى الآن.
نرى في الرسم أدناه تقريرًا عن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بالغرام/كيلومتر وذلك على شاحنات بعدة أنظمة دفع، الخط الأفقي في الأسفل يُظهر نوع النظام وهو من اليسار، ديزل ثم هيدروجين أخضر، ثم هيدروجين أزرق وهيدروجين رمادي. يلي ذلك بالقائمة متوسط التلوث الذي تؤديه الشاحنات التي تعمل بالبطاريات في أوروبا (والمقصود كيفية توليد الكهرباء اللازمة لها)، ثم الشاحنات في فرنسا ثم ألمانيا، وأخيرًا المتوسط المتوقع عام 2030.
هُنا، تكمن ميزة الهيدروجين الأخضر أنه يُفترض أن يُنتَج من مصادر متجددة بنسبة 100% في عام 2030.

ميزات وعيوب خلايا وقود الهيدروجين
بالرغم من الوعود البرّاقة للهيدروجين الأخضر، إلا أن خلايا الوقود لسيارات الركاب لا زالت تواجه تحديات، إليكم باختصار ميزات وعيوب خلايا وقود الهيدروجين حاليًا:
- كفاءة تشغيل عالية، فالتحويل من الطاقة الكيميائية إلى طاقة الكهربائية مباشر، وفقد الطاقة أقل من محركات البنزين، حيث يبلغ في خلايا الوقود نحو 50% عند العجلات.
- هادئة في التشغيل ولا يصدر عنها صوت.
- عمرها طويل نسبيًا ولا تحتاج صيانة دورية.
- يمكن تغيير حجمها حسب المُنتج.
- لا تلوث البيئة (حول المركبة) فالناتج الوحيد هو الماء.
- المدى التشغيلي طويل مقارنة بالسيارات الكهربائية، وتعبئة الخزانات سريعة.
- لا يزال استخراج الهيدروجين يعتمد على الوقود الأحفوري مثل النفط والفحم والغاز الطبيعي، وبالتالي فإن المصدر ليس بنظيف فعليًا… حتى الآن.
- يصعب حتى الآن استخراج الهيدروجين بطريقة رخيصة. وعليه تستثمر العديد من الهيئات والحكومات أموالًا طائلة لتحقيق ذلك.
- قابل للاشتعال.
- شكل وحجم خزانات الهيدروجين يستهلك حيزًا كبيرًا

وصلت تقنية خلايا وقود الهيدروجين للإنتاج التجاري لأول مرة عام 2013 مع هيونداي ix35/توسان FCEV، تبعتها في 2015 تويوتا ميراي ثم هوندا كلاريتي 2016 وهيونداي نيكسو 2018 (في الصورة أعلاه) ثم تويوتا ميراي II عام 2020. كما رأينا التقنية على حافلات الركاب والشاحنات الكبيرة والقطارات.
مزايا وعيوب خلايا وقود الهيدروجين:
- كفاءة تشغيل عالية، فالتحويل من الطاقة الكيميائية إلى طاقة الكهربائية مباشر وفقد الطاقة أقل من محركات البنزين، حيث يبلغ في خلايا الوقود نحو 50% عند العجلات.
- هادئة في التشغيل ولا يصدر عنها صوت.
- عمرها طويل نسبيًا ولا تحتاج صيانة دورية.
- يمكن تغيير حجمها حسب المُنتج.
- لا تلوث البيئة (حول المركبة) فالناتج الوحيد هو الماء.
- لا يزال استخراج الهيدروجين يعتمد على الوقود الأحفوري مثل النفط والفحم والغاز الطبيعي، وبالتالي فإن المصدر ليس بنظيف فعليًا… حتى الآن.
- يصعب حتى الآن استخراج الهيدروجين بطريقة رخيصة. وعليه تستثمر العديد من الهيئات والحكومات أموالًا طائلة لتحقيق ذلك.
- قابل للاشتعال.
- شكل وحجم خزانات الهيدروجين يستهلك حيزًا كبيرًا
سيارات كهربائية ببطاريات BEV
ننتقل سريعًا لمزايا وعيوب السيارات الكهربائية ببطاريات، فلدى العامّة فكرة عنها بالمُجمل، وشركات السيارات لا تنفك أسبوعيًا من تقديم طرازات جديد، مع تطويرات على البطارية والمحركات الكهربائية بأنواعها. وطبعًا ستستفيد السيارات العاملة بتقنية خلايا الوقود من هذه التطويرات، فهناك محرك كهربائي يدفع السيارة، وبطارية أيضًا، ولكن أصغر حجمًا وتصلها الطاقة من خلية وقود الهيدروجين.

مزايا وعيوب السيارات الكهربائية ببطاريات
- لا تلوث البيئة (حول المركبة)، ويتبقى معرفة كيفية توليد الكهرباء التي شُحِنَت بها
- هادئة ولا يصدر عنها صوت
- تُساعد البطارية الكبيرة في تحسين المقاومة الالتوائية للجسم، وبالتالي تحمل السيارة للحوادث
- تُشكِّل البطارية الكبيرة مركز وزن منخفض، فهي إجمالًا مُثبتة في أرضية المقصورة
- الوزن الثقيل للبطارية يتطلب مكابح أكبر وعجلات خاصة وأنظمة تعليق أضخم، وكل ذلك يُضيف للسعر
- الوزن الثقيل للبطارية يُقلل حيوية السيارة في المنعطفات، ومن المعروف بأن السيارات الخفيفة توفر متعة أكبر للقيادة
- مكونات البطاريات سامّة، سواء كان الحديث عن تصنيعها أو التخلص منها عند انتهاء عمرها، الضرر القائم على البيئة كبير
- سعر الليثيوم المُكوِّن للبطاريات بارتفاع، والكميات المتوفرة منه ستنفذ في النهاية
- ما زالت البنية التحتية للشواحن العامة محدودة
- المدى التشغيلي قصير، ومدة الشحن طويلة
ملخص ونظرة أمل
لكل شيء عيوب، وخلايا وقود الهيدروجين تبدو بالمُجمل أفضل من السيارات الكهربائية، لكن التقنية ليست منتشرة كما يجب واستخلاص الهيدروجين وتخزينه صعب ومكلف حاليًا. يأتي بصيص الأمل للهيدروجين من طريقة حفظ جديدة ما زالت تحت التطوير، يُخزَّن فيها الهيدروجين بشكل صلب، وليس سائلًا ولا غاز، وذلك يُقلل الحاجة لخزانات أسطوانية كبيرة في السيارة، وكما ذكرنا فالهيدروجين الأخضر بات قاب قوسين أو أدنى.
يُضاف إلى ما سبق أن بعض الشركات تعمل على استخدام الهيدروجين كوقود لتشغيل المركبات بمحركات تقليدية، ورأينا عدة أمثلة من تويوتا. أما بي ام دبليو فستأتي بإصدار محدود من طراز X5 بمحرك تقليدي يعمل بالهيدروجين.

بالمقابل، انتشرت السيارات الكهربائية بشكل أوسع، وهي بالرغم من عيوبها تحظى باهتمام الشركات، والتي قد تُنتج بطارية الحالة الصلبة لمدى تشغيلي أطول. وهنا نرى تويوتا -أكبر شركة سيارات في العالم- تعزف على وتر الهيدروجين تارة… مؤمنة به، وتارة أخرى على وتر السيارات الكهربائية بما فيها بطارية الحالة الصلبة الخاصة بها لترغيب العامة. أما هيونداي فليست بمختلفة أيضًا، وتوفر سيارات كهربائية ممتازة عبر علامتها وكيا وجينيسيس، كما أنها تكرس الجهد لتطوير خلايا وقود الهيدروجين.
قد يكون من الطيب الاطلاع على جميع أخبار ومركبات خلايا وقود الهيدروجين عبر الرابط هنا. وبعد ذلك اطلع على موضوع الوقود الصناعي بديل النفط الطبيعي.