هل تُريد أن تُعدّل سيارتك؟ أو رُبما تود صنع واحدة بالكامل! من المُرجح أن تأخذ بالاعتبار صُنع بعض الأجزاء من ألياف الكربون (كاربون فايبر) أو الكيفلار أو الألياف الزجاجية (فايبر جلاس) لتقليل وزن المركبة ولكن ما الفرق بين هذه وتلك؟ وهل يمكن تحضيرها في المنزل؟ وما الخيار الأفضل؟ والسؤال الذي سيجده البعض مُفاجئًا، لماذا يعتقد العامّة بأن الكيفلار أكثر صلابة من الفولاذ؟
الكيفلار
نبدأ مع الكيفلار Kevlar، فهو مُنتج جديد نسبيًا بدأ ذكره يزداد في صناعة السيارات، ويُشوِّق للتعرف عليه باعتبار أن استخداماته تصل للسترات المُضادة للرصاص، وملابس رجال الإطفاء الواقية من الحريق، وبالطبع ملابس بعض الزعماء الذين يخشون مما سبق. بل أن الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي دعت لصناعة نسيج كسوة الكعبة المشرفة بمادة الكيفلار!
اكتُشِفَ الكيفلار بالصُدْفة، حيث كانت ستيفاني كووليك Stephanie Kwolek البولندية-الأمريكية تعمل في شركة دوبونت DuPont للمواد الكيميائية على تطوير ليفٍ خفيف الوزن كمقوي لإطارات السيارات. مَزَجت كووليك بعض البوليميرات التي كان تعمل بها فتحوّلت تلك لمحلولٍ ضبابي عالي الميوعة. وفي حين مَضَت كووليك بتجاربها على البوليميرات المعروفة، أرسلت عينة من المحلول الضبابي لاختبارها لتكتشف أنه أقوى بكثير من ألياف أخرى كالنايلون. سُمِّي الناتج بـ أراميد.

أراميد Aramide: اختصار لـ ARomatic polyAMIDe. وهو مركب صناعي من ألياف بسلاسل جزيئية متوجه بدرجة عالية على طول محور الليف، وبالتالي لها قابلية عالية لإنشاء الروابط الكيمياوية بين السلاسل الجزيئية.
كان ذلك في العام 1965، ولكن استُخدم الكيفلار المُشتق عن الأراميد (يُصنّف الكيفلار كـ بارا أراميد para-Aramid) لأول مرة في بداية السبعينيات كبديل للأسلاك الفولاذية لإطارات سيارات السباق، وذلك دون استمرار كووليك بالعمل عليه، وجاء تسجيل براءة الإختراع لـ “كيفلار 149” لصالح جاكوب لاياني في بداية الثمانينات، وفي العام 1994 سجّل تشارلز هولاند براءة اختراع قماش الكيفلار الواقي من الرصاص.
هُناك العديد من فئات الكيفلار، وتنتج شركة دوبونت مُكونات مُختلفة منه مثل Kevlar K-29 الذي يُستخدم لأحزمة المحرك والأنابيب والعجلات وأقراص التعشيق وحشوات المكابح، كما يُستخدم الكيفلار Kevlar 149 لصنع أجزاء الجسم عوضًا عن ألياف الزجاج المُقواة بالبلاستيك في السيارات المُشاركة في سباق ناسكار.
بعد تجهيز نسيج الكيفلار يُضاف إليه مادة لاصقة من الإيبوكسي Epoxy ليتماسك النسيج معًا. وحاليًا توفِّر جوديير إطارات Wrangler MT/R وكذلك توفِّر بلاك بير Black Bear إطارات بالكيفلار لمركبات الطرقات الوعرة.
هناك مركّبات أخرى مُشابهة لخصائص الكيفلار ولكن من شركات أخرى مثل توارون Twaron الذي طورته شركة أكزونوبل AkzoNobel الهولندية في السبعينات وتنتجه حاليًا شركة تيجين Teijin اليابانية.


لن نسرد خصائص الكيفلار مباشرة، بل سنتناول ألياف الكربون والألياف الزجاجية أولًا ثم نجعل المقارنة لتشملها جميعًا في جداول توضيحية في الأسفل.
ألياف الكربون Carbon Fibers
ألياف دقيقة للغاية -بقُطرٍ يتراوح بين 0.005 و 0.010 ملم- مكونة بالغالب من ذرات الكربون. ترتبط هذه الذرات ببعضها في بلورات مجهرية موازية لمحور الألياف مما يجعل الألياف قوية جدًا مقارنة بحجمها. تُغزَلُ آلافٌ من ألياف الكربون معًا لتشكيل الخيط والذي يكوّن أصل النسيج، وكما الحال مع الكيفلار يُضاف لهذا النسيج مادة لاصقة مثل الإيبوكسي Epoxy.
هُناك عدد هائل من التطبيقات التي تعتمد ألياف الكربون جميلة المظهر، مثل العجلات والخوذات وأغطية المرايا والمقاعد وأجزاء الجسم، كما أن هناك سيارات رياضية بقواعد مصنوعة من ألياف الكربون.




الألياف الزجاجية Fiberglass
ليست أليافًا من الزجاج، وإنما لدائن -بلاستيك- مدعّمة بألياف مصنوعة من الزجاج، واسمُهما بالإنجليزية يدل على ذلك: Glass-reinforced plastic أو GRP اختصارًا.
استُخدمت الألياف الزجاجية منذ خمسينات القرن الماضي، وكان ذلك أولًا لصُنع القوارب. تُرتّب الألياف باتجاهات مُختلفة لصُنع القطعة المطلوبة ثم يُضاف إليها مادة الإيبوكسي لتُصبح متماسكة وصلبة.
هناك نوعان رئيسيان من الألياف الزجاجية؛ E-Glass و S-Glass، الأول هو الأرخص والأكثر شيوعًا، أما الثاني فأغلى وأفضل بكثير ويُستخدم حتى الآن في صناعة الطائرات متفوقًا في بعض خصائصه على ألياف الكربون والكيفلار!



خطأ شائع
يعتقد البعض أن الكيفلار أكثر صلابة من الفولاذ، وفي هذا خطأ كبير يتوجّب علينا توضيحه؛ ولكن يجب فهم الآتي:
القوة Strength: قدرة المادة على مقاومة الأحمال ومقاومة الكسر، سواء عند الضغط أو الشد.
الصلابة Stiffness: القدرة على مقاومة الالتواء
بالتالي، فإن الفولاذ أكثر صلابة من الكيفلار، ولكن الكيفلار أقوى من الفولاذ
الفروقات بين ألياف الكربون والكيفلار والألياف الزجاجية
- تصل كلفة استخدام ألياف الكربون إلى سبعة أضعاف كلفة الألياف الزجاجية، أما الكيفلار فأغلى من ألياف الكربون بقليل.
- تزيد المقاومة الحرارية للكيفلار عن البوليمرات الأخرى.
- تتفوق الألياف الزجاجية S-Glass عن ألياف الكربون والكيفلار في مقاومة الشد، وتقدم الألياف الزجاجية E-Glass مستوًا جيدًا مقارنة بألياف الكربون والكيفلار
- تتفوق ألياف الكربون فيما يخص الصلابة
- يتفوق الكيفلار بكونه أقل كثافة
- يحتوي الكيفلار على ذرات النيتروجين في تركيبه الكيميائي في حين أن ألياف الكربون تحتوي بشكل أساسي على ذرات الكربون في بنيتها.





النتيجة
لكل من ألياف الكربون والكيفلار والألياف الزجاجية مميزات وعيوب، ولكن يُمكن اعتبار الألياف الزجاجية هي الحل الأفضل للتطبيقات العامّة، ذلك لقلة تكلفتها مقارنة بألياف الكربون والكيفلار وتفوّقها في بعض النواحي. كما أن صُنع قطعة من الألياف الزجاجية أسهل نسبيًا من صنع أجزاء ألياف الكربون والكيفلار التي تتلطب وضعها في كيس مُفرغ من الهواء بعد إضافة الإيبوكسي لأن فقاعات الهواء تُقلل من صلابتها.
يمكن طبعًا صنع أجزاء ألياف الكربون والكيفلار في المنزل بدون التفريغ الهوائي، ولكنك بهذا تُلغي الهدف الأساسي من دفعك مبلغًا إضافيًا فوق سعر الألياف الزجاجية، وستحصل على أجزاء أقل صلابة وقوة.
لا تحتاج الألياف الزجاجية لكثير من المادة اللاصقة، وعليه فاللحصول على قطعة بصلابة ألياف الكربون أو الكيفلار فلن يزيد الوزن النهائي عن حوالي 15% مقارنة بوزن ألياف الكربون. لذا وللتطبيقات العامّة في السيارات العادية فلا داعي لاستخدام ألياف الكربون، أما إذا تعلق الأمر بسيارات السباق فالوزن -وإن كان بفارق بسيط- مُهمٌ دائمًا، شاهد سيارة أحمد دحام بأجزاء من الكيفلار بالرابط هُنا.

سؤال
بما أننا نتحدّث عن أنسجة مغطّاة بالإيبوكسي، هل يمكن استخدام أنسجة طبيعية مثل القطن أو الكتان أو الحرير؟
يمكن ذلك بالتأكيد، ولكن لن يكون الناتج النهائي بقوة وصلابة المركبات السابقة، بل أن إضافة نسيجًا قطنيًا مثلًا لن يُعطي الإيبوكسي قوة أعلى، ويُمكن الاكتفاء بالإيبوكسي إن لم تكن القطعة المطلوبة هيكلية ولا تتعرض للإجهاد. إلى ذلك فالألياف الطبيعية ميّالة للتعفّن إن لم تكن جافّة تمامًا أو إن تسرّب إليها الماء من شقٍ في المادة اللاصقة.
اقرأ أيضًا: