- دراجة هوندا سوبر كاب
- تاريخ شركة هوندا
- كيف بدأ سويتشيرو هوندا حياته العملية
قد يتعجّب البعض لهذه المعلومة، ولكن المركبة الأكثر مبيعًا في العالم ليست تويوتا كورولا بالرغم من أنها تحمل لقب أكثر “السيارات” مبيعًا مع ما يزيد عن 46 مليون نُسخة أُنتِجت منذ العام 1966، بل هُناك مركبة أُخرى بحجم مبيعات يزيد عن ضعف ذلك، إنها دراجة هوندا سوبر كاب Super Cup.
لم تكن قوة المحرك سبب هذا الانتشار، فنحن نتحدث هُنا عن قدرة وصلت في أقصاها إلى 9.1 أحصنة فقط، كما لم يكن السبب التقنيات المُتطورة كالدفع الثُنائي ولا القدرة العالية على التحمل، ولا يُمكن وصف هوندا سوبر كاب برائعة الجمال أيضًا، إنها دراجة نارية صغيرة بقدرة محدودة وبسيطة، ومع هذه البساطة يكمن السر.
بداية القصة
تبدأ القصة مع سويتشيرو هوندا Soichiro Honda وتاكيو فوجيساوا Takeo Fujisawa مُؤسِّسا الشركة اللذان جابا ألمانيا في العام 1956 لدراسة نماذج الدراجات النارية الخفيفة المُصنّعة هُناك. وقبل ذلك كان سويتشيرو أسس معهد هوندا للأبحاث وبدأ فعليًا مع فريق من 12 موظف يعملون ضمن مساحة 16 متر مربع فقط بإنتاج دراجات هوائية مُزوّدة بمحركات “مولدات Generators” بسعة 50 سنتمتر مكعب.

وبما أننا عُدنا لبداية الشركة، فلا ضير من معرفة أن سويتشيرو هوندا عمل كميكانيكي لتعديل السيارات لفترة ثم أسس شركة البحر الشرقي للآلة الدقيقة Tokai Seiki في العام 1937، وذلك بهدف أنتج حلقات المكابس لصالح تويوتا. لم تكن حلقات المكابس بالجودة المطلوبة، لذا، فقد درس سويتشيرو الهندسة، وبالرغم من عدم انهاء دراسته، إلا أنه استطاع في العام 1941 من انتاج حلقات مكابس بجودة مقبولة من تويوتا.
كانت هذه أولى خطوات سويتشيرو هوندا في عالم الصناعة، وترافق هذا مع قيام الحرب العالمية الثانية التي لم تضع أوزارها إلا بعد أن دُمِّرَ المصنع. باع سويتشيرو ما تبقى من مصنعه لتويوتا وأسس معهد هوندا للأبحاث في العام 1946.
بدأ العمل من جديد، حيث قرر هوندا صُنع دراجات هوائية وتزويدها بمحركات صغيرة، سُمِّيت الدراجات الأولى A-Type ولُقبت بـ باتا باتا لصوت محركها، ولم تكن هذه دراجات هوندا خالصة وصُفِّيَت الشركة لقاء ما يُقارب 5000 دولار أمريكي.

استثمر هوندا هذا المبلغ في العام 1949، ليؤسس شركة هوندا التي نعرفها الآن مع تاكيو فوجيساوا Takeo Fujisawa لينتجوا أول دراجة مصنوعة بالكامل لدى هوندا وسُمّيت D-Type أو دريم Dream.

لاقى هوندا النجاح هذه المرة، وهُنا نعود لقصة سوبر كاب، حيث جاب سويتشيرو هوندا وتاكيو فوجيساوا ألمانيا في العام 1956 لدراسة نماذج الدراجات النارية الخفيفة المُصنّعة هُناك، وقررا إنتاج دراجة نارية تصلح للدول المتقدمة وغير المتقدمة وتستطيع السير في المدن والريف.. قررا إنتاج دراجة تُغري الجميع.
شروط ظريفة وسوق فسيحة
وبما أن أُسُسِ تطوير المُنتجات تحتاج لضوابط، فقد وضع فوجيساوا بعض الشروط الظريفة وعينه على سوق فسيحة، اشترط فوجيساوا أن تُصمم الدراجة بحيث يُمكن للسائق قيادتها بيدٍ واحدة، لكي يحمل باليد الأُخرى الطعام، وتحديدًا شعيرية السوبا Soba noodles، وقال لـ هوندا: “إن تمكنْتَ من تصميم دراجة صغيرة بمحرك بسعة 50 سم مكعب مُغطى لإخفاء الأنابيب والأسلاك فسيُمكنني بيعها”، وأضاف: “لا أعرف عدد مطاعم شعيرية السوبا في اليابان، ولكني متأكد أن كلها ستحتاج دراجة لخدمة التوصيل”.

وهكذا بدأ العمل لتصميم سوبر كاب، ليتم تقُدّيمها في العام 1958.
عانت الدراجات التي تم إنتاجها في الشهور الثلاثة الأولى من مشاكل في التعشيق، فزار عُمال هوندا كُل زبون شخصيًا لاصلاح العطل، فقد استثمر هوندا 10 مليارات ين حينها لبناء أكبر مصنع للدراجات في العالم وبطاقة إنتاجية تبلغ 30 ألف وحدة شهريًا، ولم يُرِد لحُلمه بالعالمية أن يضيع بسبب مُعشّق صغير. كان بناء مصنع ضخم كهذا كلعبة قمارٍ حاسمة، لا سيما وأن انتاج دراجات هوندا السابقة لم يتعدى 2000 إلى 3000 وحدة شهريًا.
السر بالبساطة
تميّزت هوندا سوبر كاب بالبساطة، فقد كانت أولى الدراجات النارية التي يُغطي مُحركها البلاستيك (البولي ايثيلين Polyethylene) بهدف تقليل الوزن، ورُبما كانت هذه الميّزة تحديدًا هي العامل الرئيسي بنجاح الدراجة، فقد أدت ألواح البلاستيك واجبها مثل المعدن تمامًا، وكانت أرخص بكثير منه.
إلى ذلك، كان مُحرك الدراجة قويًا بالنسبة لسعته، فقد أنتج 4.5 أحصنة من أسطوانة واحدة بسعة 50 سم مكعب مُقارنة بحوالي حصان واحد لمُحركات “المولّدات” التي استخدمها هوندا في دراجات A-Type الأولى.
هوندا سوبر كاب: دراجة بمحرك من أسطوانة واحدة بأربعة أشواط وسعة تتراوح بين 50 و125 سم مكعب
كان التصميم العام بسيطًا؛ حيث غطى البلاستيك المُحرك وكوّن الألواح التي تحمي الأرجل من الهواء والأوساخ المُتطايرة، بما يُشبه السكوتر. ولكن بعكس السكوتر كانت العجلات بقياس 17 إنشًا بدلًا من 10 فقط، وهذا حسن ثبات الدراجة على الطرقات غير المعبدة، كما تم تثبيت المحرك والتروس منتصف الدراجة بدلًا من العجلة الخلفية، وبهذا تحسن ثبات العجلة الأمامية أكثر. وجاء خزان الوقود تحت المقعد.
أما المُحرك ذاته، فكان بسيط التصميم، مُبرّد بالهواء، واعتمد نسبة انضغاط قليلة للتوفير بالوقود واستطاع الانطلاق بالدراجة لسرعة قصوى مقدارها 69 كلم/ساعة بعد تشغيله بركلة رِجْل. وبالرغم من أن بعض الطرازات أتت لاحقًا بتشغيل الكتروني، إلا أن التشغيل “بركلة رجل” ظل مُستخدمًا أيضًا في العديد من الطرازات الأخرى، مثل سوبر كاب 50 وسوبر كاب 110 المُخصصين للأسواق اليابانية، واللذان يتميّزان بتقنيات حديثة مثل بخ الوقود.
من جهتها جاءت علبة التروس متتابعة بثلاث نسب، ولم تحتج لذراع مُعشّق لليد، وإنما لأُخرى تُدفع بالقدم (لإبقاء يدٍ حُرةٍ لإمساك الطعام).
تنوعت أشكال هوندا سوبر كاب عبر السنوات وتنوعت تسمياتها وفقًا للأسواق، ففي الولايات المُتحدة سُمِّيَت بـ C100 و C50 C70 و C90 و C100EX وغيرها، وفي بريطانيا اعتمد التسميات Honda 50 و Honda 90 وغيرها. ووصلت أهمية سوبر كاب لمقارنته بطرازات سيارات أيقونية مثل فورد موديل تي وفولكس واجن بيل وجيب.
تعدّى إنتاج هوندا سوبر كاب عتبة الـ 60 مليون وحدة في العام 2008، والـ 87 مليون وحدة في العام 2014، ووصل تعداد المنتج منه في العام 2017 إلى 100 مليون دراجة!
أدناه ست مقاطع فيديو تتحدث عن تاريخ هوندا والسيد سويتشيرو هوندا، بأسلوب المانغا الياباني للقصص المُصوّرة.