هل كنت تعلم أن أول رحلة برية طويلة على متن أول سيارة عاملة بمحرك في التاريخ قادتها امرأة؟ كان في الخامس من شهر آب (أغسطس) من العام 1888، وكانت تلك السيدة هي بيرتا بنز Bertha Benz، زوجة وشريكة كارل بنز، التي موّلت مشروعه في بناء أول سيارة تم تسجيل براءة اختراعها.
كان حينها كارل بنز قد انتهى من النموذج الاختباري الثالث للسيارة “موتور واجن Motorwagen”، وتركها في منزله لفترة دول أن تنال الرواج المطلوب كسيارة عاملة بالفعل على الطرق، ولذلك، ونظرًا لفطنة زوجته التجارية، أخذت بيرتا طفليها آنذاك وقادت السيارة في رحلة برية، مرورًا بعدة قرى بجنوب ألمانيا وحتى منزل والدتها، لتبعث إليه تليغراف في المساء تؤكد على نجاح مشروعيهما.
ولكن بالطبع، لم تخلو رحلة بيرتا من العقبات، حيث أضطرت بسبب عدة أعطال أن تبتاع ليجروين (أثير بترول) من إحدى الصيدليات لتستخدمه كوقود، لتُعتبر تلك الصيدلية بذلك هي أولى محطات الوقود، كما طلبت من صانع أحذية أن يثبت قطع من الجلود على المكابح، لتُصبح بذلك أول بطانة للمكابح في التاريخ. ذلك بالإضافة لعدة مشاكل تقنية أخرى لم تنفذ حيل بيرتا في التعامل معها أثناء رحلتها، كسكب الماء باستمرار فوق المحرك لتبريده وتزويده دائمًا بالزيت كونه كان يتسرب منه. حتى وصلت لمنزل والدتها في النهاية، على بعد 106 كيلومترات في رحلة لفتت الأنظار للاختراع الجديد.
أول نموذج لموتور واجن قام كارل بنز بقيادته في الثالث من يوليو عام 1886، في مدينة مانهايم الألمانية، وقد وصلت سرعته القصوى آنذاك إلى 16 كلم/ساعة.
بيرتا بنز التي لم يسمح لها القانون الألماني حينها أن تتشارك مع زوجها الحق في براءة اختراع أول سيارة عاملة بمحرك احتراق داخلي، تحتفل بها اليوم مرسيدس بفيديو رمزي قصير عن رحلتها التي كانت نواة صناعة السيارات في العالم.
توفيت بيرتا في العام 1944 عن عُمر يناهز الخامسة والتسعين، وذلك بعد يومين من تكريمها من قبل معهد كارلسروه للتكنولوجيا، الذي لم يكن يسمح للسيدات في عهدها بالدراسة فيه، وفي عام 2016 تم إدراج اسمها بقائمة أبرز مشاهير السيارات، كما تم وضع علامات بطول الطريق الذي قادت فيه السيارة مع طفليها ليُصبح مسارها منبرًا للإبداع والجرأة في الابتكار. فتحيّة لها ولكل امرأة شاركت بإيجابية في بناء مُستقبل أفضل.


