مقالات – قصي حازم
لكل شيء عيوب، ونحن في ArabsAuto نحاول دائمًا أن نكون موضوعيين. فبالرغم من أخبارنا ومقالاتنا السابقة التي أظهرت حماسًا لرؤية السيارات الكهربائية في الأسواق، إلا أننا لن نغُض البصر عن عيوبها. ونترك لكم في هذا الحق بتقرير الخيار المُناسب لكم، والذي قد يختلف باختلاف المنطقة التي تعيشون فيها، و المسافة المطلوبة للتنقل يوميًا، وسعر البنزين والكهرباء في بلدكم، وما إلى ذلك.
ولكن سنبدأ بمختصر عن المميزات، فالمثير للسخرية مع السيارات الكهربائية، أن بعض مميزاتها هي ذاتها العيوب، هل تتساءل كيف؟ خذ مثلًا انخفاض ضجيج محركها بالمقارنة مع المحركات العاملة بالبنزين أو الديزل. إنها ميّزة بلا شك، ويبدو الأمر بديهيًا في الوصول إلى النتيجة، ولكن عندما يتعلق الأمر بعدم انتباه المشاة للسيارات الكهربائية التي تسير بصمت، أو إمضاء ساعات على الطريق السريع وسماع صوت العجلات فقط يصبح الأمر مزعجًا. كذلك الحال عندما يتعلق الأمر بمتعة القيادة، والتي يرى البعض أن لصوت المحرك فيها عامل مهم جدًا.
إذاً فميزة انخفاض صوت السيارات الكهربائية هي عيب من منظور آخر. الميزة-العيب الثاني تأتي مع تقنية الكهربة ذاتها، وصحيح أن أولى سيارات العالم كانت كهربائية (سيارة روبرت هيندرسن 1839)، إلا أنها لم تتطور، بل أفسحت المجال، مقهورة آنذاك بضعف البطاريات، لمحركات الاحتراق الداخلي، وبالتالي فنحن نصفق الآن لتقنية ما زالت في بداياتها -في السيارات- إذا ما قارنتها بتقنيات محركات الاحتراق الداخلي التي أمضت ما يزيد عن قرن بالتطوير، وتم استعمالها في الحرب والسلم، وعلى الأرض والبحر والسماء، وللنقل والشحن والزراعة والصناعة وضخ الماء بل ولتوليد الكهرباء ذاتها. المحرك الكهربائي الذي نراه اليوم يعمل بالتأكيد بشكل جيّد، ولكن لم يحظى بنصيب وافر من التطوير لتهذيبه وتحسين الأداء. صحيح أنه “مُهذب” بما يكفي، ولكننا نتحدث هنا عن ما حظي من تطوير وتحسين للاستخدام في المركبات.
الميزة-العيب الثالث هي الانبعاثات، فقد ترفع السيارات الكهربائية شعارات الانبعاثات الصفرية وتتغنّى بصداقتها للبيئة، ولكن الغالبية العظمى من محطات توليد الكهرباء ما زالت تلوّث البيئة. أي أنك ستقود في المدينة بلا انبعاثات، ولكن ستولّد لك محطة الكهرباء الطاقة في مكان ما، وتنفث الدُخان في الجو. أضف إلى ذلك أن مكونات البطاريات سامّة، وسواء كان الحديث عن تصنيعها أو التخلص منها عند انتهاء عمرها فالضرر القائم على البيئة كبير.
المميزات الخالصة للمحركات الكهربائية، هي أنها أصغر حجمًا وأعلى كفاءة من محركات الاحتراق الداخلي. ولكننا في عصر السرعة والناس لا يطيقون الانتظار، وهنا يظهر العيب الأساسي للسيارات الكهربائية، البطاريات!
العيب الرابع، البطاريات هي المُشكلة
ففكرة أن تشحن بطارية سيارتك لساعات قبل تمكُنك من استخدامها ليست مستساغة للبعض، ولا تنسى حاجتك لشواحن على طريق سفرك الطويل قد لا تكون متوفرة أصلًا، وبالتالي فسيتوجّب عليك المبيت في مكان ما على الطريق لشحن السيارة. وهذه مشاكل لا وجود لها في المركبات العاملة بمحركات الاحتراق الداخلي.
وبما أن البطاريات المُستخدمة في السيارات ما زالت ترى التطوير والتجديد، فسيارتك الكهربائية الجديدة ستصبح قديمة بقالبها و”قلبها” بعد عشر سنوات، عندما تصبح البطاريات مستقبلًا أفضل بكثير، والمسافة الممكنة للسيارة قطعها بذات الحجم من البطاريات أطول، وربما تصبح البطاريات أخف وزنًا، أو تظهر تقنية لادخار الطاقة الكهربائية في السيارات جديدة تمامًا.
في حال لم يقم الصانعون بتحديثات دورية على السيارات الكهربائية التي يبيعونها الآن، فستصبح هذه السيارات عديمة القيمة بعد عشر سنوات على الأكثر
وهناك مشكلة أخرى مع البطاريات أيضًا، فالرغم من أن العديد من بطاريات الليثيوم أيون تستخدم خليطًا كيماويًا من النيكل والكوبلت والمنجنيز، وذلك لتخزين طاقة أكبر واستغراق وقت أقل في الشحن ورفع مستوى الأمان مقارنة بتقنية الليثيوم أيون الأخرى، إلا أنها تظل عرضة لارتفاع درجة حرارتها والاحتراق إذا لم تصمم وتصنع ويتم التحكم فيها بشكل جيد.
ويمكن لبطاريات الليثيوم أيون أن تكون غير مستقرة، وكان مؤخراً أن أُلقي باللوم عليها في مشكلات احتراق هواتف سامسونج وتصاعد دخان بطائرات دريملاينر.
ولكن من أين يأتي الليثيوم؟
هذا سؤال جيد، ويجب أن تتبعه عدّة أسئلة عن مصادر المعادن الأخرى الداخلة في صناعة بطاريات السيارات، فقد رأينا كيف ارتفع سعر الكوبلت إلى أعلى مستوى له منذ الأزمة المالية لعام 2008 وذلك لرواج السيارات الكهربائية. والحال ليس بمختلف بالنسبة للليثيوم الذي يُستخرج من أستراليا في المركز الأول وتليها تشيلي والأرجنتين والصين وزيمبابوي، فمخزون العالم منه محدود في النهاية، وقد يصبح غاليًا جدًا عند زيادة بيع السيارات الكهربائية.
وتستمر السلسلة مع المحركات الكهربائية التي تستخدم معادن نادرة أخرى، مثل الدسبروزيوم dysprosium واللنثانوم lanthanum والنيوديميوم neodymium والبراسيوديميوم praseodymium. وللعلم فمعظم مخزون الأرض من الدسبروزيوم والنيوديميوم الضروريان لإنتاج مغناطيسات المحركات الكهربائية يتم استخراجه في الصين، وبهذا سنرى بالتأكيد تحكماً كبيراً من “تنين الشرق” وسيطرة واسعة على إنتاج المحركات الكهربائية في المستقبل.
العيب الخامس، البطاريات هي المُشكلة أيضًا
نستمر بلوم البطاريات، فالمدى التشغيلي لها ضئيل، ولن يكون بإمكانك الذهاب للتنزه مع واحدة من بنات الجيل الحالي من المركبات الكهربائية في رحلة طويلة خارج المدينة، أو في المناطق النائية بالتأكيد. فنحن نرى اليوم السيارات الُمخصصة للطرقات الوعرة أو تلك القادرة على السير خارج الطرق مزودة بخزانات وقود إضافية، تمنحها حرية التنقل في العراء لأيام، ولمسافة قد تصل إلى 2000 كلم أو ما يزيد، وفقًا لعدد وحجم الخزانات الإضافية. وحال المركبات الكهربائية ليس كذلك إطلاقًا.
العيب السادس، تبًا للبطاريات!
فهي ثقيلة الوزن أيضًا، وللتعويض عن ذلك، يحاول الصانعون استبدال بعض مكونات سياراتهم الكهربائية بأخرى أقل وزنًا. فخُذ مثلًا سجاد أرضية تسلا موديل اس والذي يبدو أقل سماكة بكثير مقارنة مع سجاد الفئة الخامسة أو E-Class. ويحاول الصانعون أيضًا استخدام مواد أقل وزنًا لصُنع الهيكل مثل الألمنيوم أو ألياف الكربون، وهذا يقودنا لمشكلة السعر، فالسيارات الكهربائية لا زالت أغلى بكثير مقارنة مع السيارات العاملة بالوقود الاحفوري.

العيب السابع، البنية التحتية
هل حدث يومًا أن شغّلت بعض الأجهزة الكهربائية مرّة واحدة فانقطع التيار؟ تخيّل الآن أثر آلاف السيارات الكهربائية التي ستمتص العصير المُكهرب على محطات الكهرباء في مدينة واحدة. البُنية التحتية ليست جاهزة، وعلى الحكومات تدارك الأمر بسرعة.
العيب الثامن، صعوبة الصيانة والتصليح
قد لا تُشكِّل هذه مشكلة للجميع، ولكنها بالتأكيد ستكون سببًا لابتعاد الكثيرين عن السيارات الكهربائية والحديثة بشكل عام، فالبراغيث الألكترونية تمسّكت جيدًا بنسيج تقنيات السيارات الحديثة، وبما يجعل من تغيير الزيت مثلًا مرتبط بتحديث ذاكرة الصيانة في مفتاح السيارة. وفي حين أن بعض السيارات العاملة بمحركات الاحتراق الداخلي لا زالت بشكل أو بآخر قابلة للصيانة أو التصليح بلا معدات إلكترونية أو مُدخلات من كمبيوتر مركز الصيانة، لن يكون هناك إمكانية لأي منّا اجراء صيانة بمفكٍ أو مفتاح صواميل على سيارة مكهربة في المُستقبل.
زد على ذلك أن ورشات الصيانة العادية لن تكون قادرة على التعامل مع أعطال السيارات الكهربائية المُحتملة، بالرغم من أنها ستكون أقل بكثير من أعطال محركات البنزين أو الديزل، وبالتالي فمصيرك هو تحمل التكاليف العالية في مركز الصيانة الرسمي التابع للشركة.
مُلخص وبصيص أمل
هذه هي إذًا عيوب السيارات الكهربائية:
- صوتها منخفض جدًا بما قد يعني عدم انتباه المشاة لها
- تقنية المحرك الكهرباء للسيارات لم تحظى بقدر وافٍ من التطوير بعد
- الانبعاثات الناتجة عن محطات توليد الكهرباء
- تستخدم معادن ثمينة ذات مخزون محدود
- انخفاض المدى التشغيلي للبطاريات
- مرتفعة الوزن والسعر
- البنية التحتية ليس جاهزة لتزويدها بالكهرباء
- صعوبة الصيانة والتصليح
من أين يأتي بصيص الأمل إذًا؟
يأتي في المركز الأول من العقل، فمعظم التقنيات المعروفة عانت صعوبات في بداياتها، هل تذكر كم كان حجم أول كمبيوتر وكم كانت قدراته ضئيلة آنذاك؟ والأكيد أن تقنية البطاريات والمحركات سترى التطوير مستقبلًا لتصبح أقدر وأقوى وأخف.
ثم أن هناك مصادر مستدامة للحصول على الكهرباء، وقد يجعل ذلك سيارتك الكهربائية مغرية جدًا، فتخيل لو أنك ثبّت بطاريات شمسية على سقف منزلك لتولّد الكهرباء وتشغّل سيارتك بالمجان! فهذا سيُلغي بالتأكيد مشاكل البنية التحتية والانبعاثات معًا.
وما رأيك بارتفاع الطلب أيضًا؟ إن رواج السيارات الكهربائية سيحُث الشركات والأفراد على ابتداع طرق لمعالجة معظم المشكلات السابقة، فالطريق في أوله، ويمكن لأي منا تسجيل براءة اختراع تغّير معطيات القضية كاملة. كما أننا سنرى بالتأكيد مستقبلًا ورشات الصيانة متخصصة بالسيارات الكهربائية.
السيارات الكهربائية قادمة لا محالة، وما علينا إلا الاستعداد لاستقبالها بأفضل طريقة ممكنة.
هل تود التعرّف على السيارات الكهربائية المتوفرة حاليًا أو المستقبلية القادمة للأسواق؟ إضغط على الوسم كهربائية للاطلاع عليها.
2 تعليقات