قد لا يُبالغ البعض حين يستخدمون عبارة “كوكب اليابان” للإشارة لتميز ذلك البلد الآسيوي، وفي عالم السيارات يُعتبر طراز “سنشري” من تويوتا درة تاج صناعة السيارات اليابانية التي لا يستمتع بها أي شخص. ذلك أنها فريدةٌ من نوعها ولا تتشارك أية مُكونات مع أي طرازٍ آخر شائع من تويوتا أو لكزس.
يعمل مصممو تويوتا بجد هذه الأيام تمهيدًا لمعرض طوكيو للسيارات، فبعد الكشف عن “كراون الاختبارية”، كشفت العلامة اليابانية عن الجيل الجديد من طراز “سِنشُري Century” لعام 2018، وعلى الرغم من الكثيرين يصفون هذا الطراز بـ “رولز رويس” اليابان، لكونها السيارة الأغلى ثمنًا في اليابان، إلا أن اقتنائها لا يُمثل الثراء والمال، بل نتيجةً للاجتهاد والعمل الجاد والدؤوب، كما أصبحت مُرادفًا للهيبة الإمبراطورية اليابانية، حيث اختارها البلاط الإمبراطوري لتكون السيارة الرسمية للعائلة الحاكمة وللدولة.
تصميم كلاسيكي ورصين
رغم كل هذا الكلام الجميل أعلاه، إلا أن سنشري تبدو مبدئيًا قديمة الطراز بعض الشيء، فخطوطها كلاسيكية مُغرقة في الرصانة، وهذا سر تألقها، المظهر الكلاسيكي الرصين، ولكن تحت هذا المظهر تكمن عدة تغييرات عصرية، منها التخلي عن المُحرك الضخم المُكون من 12 أسطوانة على شكل V – وكان الأول من نوعه في سيارة يابانية، لصالح مُحركٍ جديد من ثمان أسطوانات على شكل حرف V، مع نظام هجين.
بالعودة للتصميم، أصبحت الخُطوط الخارجية أنعم، رغم أنها ما تزال كلاسيكية، وما تزال الهيبة والفخامة تشع منها، خُصوصًا مع زيادة أبعادها طولًا وعرضًا وارتفاعًا، حيث يبلغ طولها 5335 ميللمتر، وعرضها 1930 ميللمتر، ومع العجلات الضخمة مُتعددة الشُعب والكلاسيكية، والحواف السفلية فضية اللون، والستائر البيضاء القُماشية بتصميم مُخرَّم كالدانتيل في الخلف، فإنه يُمكن للرائي أن يُدرك أنها سيارة فارهة حتى من دون أن يعرف صانعها.
الواجهة الأمامية، بسيطة ومُتناسقة، شبكة أمامية مستطيلة يتوسطها شعار السيارة وهو عبارة عن طائر الفينيق أو “Fushichō”، مصابيح أمامية “ليد” مُتعددة العدسات، ومن ناحية المظهر الجانبي لا يوجد تغييرات ملحوظة سوى زيادة سماكة الأعمدة الخلفية وتعديل تصميمها بحيث أصبحت تبدو قائمًة، والهدف من هذا التعديل تأمين رحابة إضافية للرؤوس داخل المقصورة، والحجم الكبير للباب الخلفي. وفي الجهة الخلفية حافظ التصميم على بساطته مع مصابيح خلفية مُستطيلة بلون واحد (الأحمر) مُحاطة بإطار كرومي يمتد على عرض الواجهة الخلفية، إضافة إلى كلمة إلى اسم السيارة “CENTURY” بأحرف كرومية كبيرة، وشعار السيارة.
تعديلات بالجُملة وتركيز على الراحة
كما أسلفنا، خضعت السيارة لعدة تعديلات، ومنها زيادة طول قاعدة العجلات بنحو سبعة سنتيمترات لتُصبح 3090 ميللمتر، الأمر الذي انعكس على مساحة المقصورة خُصوصًا في الخلف، وأُعيد تصميم عتبات الأبواب وارتفاعها لتوفير مزيد من الراحة خلال الصعود إلى السيارة والنزول منها، فضلًا عن زيادة ارتفاع السقف مع زيادة ارتفاع السيارة عُمومًا ليُصبح 1505 ميللمترات، كما استُخدمت عناصر تصميم يابانية تُركز على البساطة والراحة، وفي هذا الصدد نرى مقاعد مكسوة بقماش خاص من الصوف النقي فائق النُعومة – السبب وراء استخدام القماش لأنه مُريح أكثر من الجلد ولا يُصدر صريرًا أو أصوات احتكاك، ويمتد استخدام القماش إلى حشيات الأبواب وإلى الجانب الأمامي من المقصورة. إضافة إلى تشطبيات من الخشب المصقول والجلد.

ويستمر التركيز على الراحة في الجيل الثالث من “سنشري”، حيث تتضمن المقاعد الخلفية خاصية التدليك، إلى جانب مساند للقدمين يمكن سحبها من ظهر المعقدين الأماميين. كما يوجد شاشة لمسية في مسند اليد الوسطي تُتيح للركاب التحكم بالمقاعد وتكييف الهواء ونظام الصوت. إضافة إلى ذلك توجد إضافات خاصة بالعمل على غرار طاولة للكتابة ومصباح لللقراءة ونظام ترفيهي مع شاشة كبيرة و20 مُكبر صوت. وتتوزع فتحات التكييف في السقف وفي العمودَين الجانبِيَيْن الوَسَطِيَيْن وفي الوسط.
وللسائق نصيبٌ جيد من رفاهية السيارة، حيث تبدو لوحة العدادات عصرية مع إضاءة باللون الأزرق، وهنالك تشطيبات من الخشب والجلد في واجهة الأجهزة وعلى حشيات الأبواب، ويوجد شاشة عرض كبيرة لنظام “G-Book” الترفيهي – المعلوماتي، وتحكم إلكتروني بنظام التكييف، كما تتوزع الأزرار في الكونسول الوسطي وعلى المقود لتسهيل التحكم بوظائف السيارة، إضافة إلى مكبح يدوي إلكتروني يُزيل الحاجة لمقبض يدوي كبير.
من جهة أخرى، أولى المُصممون عناية بنظام التعليق في السيارة، بحيث يُؤمن قيادة مُستقرة ومُريحة، واستُخدمت إطارات من بريدجستون طُورت مُؤخرًا لتأمين راحة في القيادة وتقلل من انتقال اهتزازات الطريق للمقصورة. إضافة لتوفير مجموعة من مزايا السلامة الحديثة منها نظام لتفادي الاصطدام يُدعى “Toyota Safety Sense P”، ولمُراقبة النُقطة العمياء، وللتنبيه من حركة المُرور خلف السيارة.
مُحرك عصري مع نظام هجين
تخلت تويوتا عن المُحرك الضخم المُكون من 12 أسطوانة، الفريد من نوعه في صناعة السيارات اليابانية، واتجهت هذه المرة نحو مُحرك من ثمانية أسطوانات على شكل حرف V ومُزود بنظام حقن مُباشر للوقود “D-4S” بهدف خفض استهلاك الوقود مع زيادة طاقته، يدعمه نظام هجين يعتمد على مُدخرات طاقة من هايدريد النيكل، بقدرة 394 حصان. وزود المُحرك بنظام لتقليل مُستوى الضجيج والاهتزاز بقصد زيادة مُستوى الراحة في السيارة عُمومًا. أما طاقة المُحرك فتنتقل للعجلات الخلفية عبر عُلبة تُروس آلية مُتعددة النسب.
جديرٌ بالذكر بأن هذا الطراز حصري بالأسواق اليابانية، وهو قليلٌ بطبيعة الحال، حيث تُشير المعلومات إلى تويوتا لا تُصنع أكثر من 150 وحدة سنويًا من هذا الطراز، لكن خرج عددٌ قليلٌ منها من “كوكب اليابان” وتوزعت في الأرض على شكل مركبات دبلوماسية مع السفارات اليابانية خُصوصًا في نيويورك (حيث الأمم المُتحدة)، أو كسيارات للأثرياء – المحظوظين – في بعض مناطق شرق آسيا مثل هونج كونج.
صور تويوتا سِنشُري 2018 Toyota Century
أدناه صورة لنسخة خاصة باسم تويوتا سنشري رويال، تم إنتاج أربع وحدات منها فقط بتكلفة تقارب 500 ألف دولار للواحدة وخصيصاً للعائلة المالكة في اليابان
