يقول إنزو فيراري أنه لم يكن يحلم بصنع أكثر من سيارة واحدة، ولكن بعد عدة سنوات أصبح اسم شركته الأكثر شهرة في عالم السيارات.
لقد استُعملت علامة الحصان الجامح لأول مرة على سيارة ألفاروميو عندما كان إنزو فيراري يتسابق على متنها في رافينا في العام 1923، وظل الأمر كذلك حتى العام 1938، عندما انتقل إنزو فيراري – الملقب بـ الكومنداتوري وهو لقب منحه إياه الملك الفاشستي فيكتور ايمانويل الثالث – ليؤسس شركته الخاصة في مودينا.
ولد إنزو فيراري في مودينا بتاريخ 18 شباط 1898، كانت ليلة قاسية… على الأقل بحالة الطقس السيئة التي أجبرت والده الانتظار ليومين داخل منزله المحاصر بالثلوج للخروج وإعلان ولادته للدوائر الحكومية، على كل حال كانت طفولة إنزو أقل قسوة، حيث كان يتمتع بوقته عندما يعود من مدرسة مودينا المهنية إلى مرآب تصليح السيارات الذي يمتلكه والده إضافة إلى مصنع الحديد.
بعد إنهاء الخدمة العسكرية، توجه إنزو للعمل في حقل السيارات وكان ذلك في مصنع صغير يستخدم قواعد السيارات العسكرية ليحولها إلى سيارات مدنية، وبعد ذلك وفي ربيع العام 1919 عمل كسائق تجارب في شركة CMN، وفي الخامس من تشرين الثاني اشترك في أول سباق رسمي له وكان سباق بارما – بوغجيو دي بيرستيو وحصل على المركز الرابع ضمن فئة الثلاثة لترات.
انتقل إنزو في العام التالي للعمل كسائق لدى ألفاروميو، وانضم إلى الفريق الرسمي في العام 1921 بعد أن حل ثانياً في سباق تارغا فلوريو، وفي نفس العام ظهرت العلامة الشهيرة … الحصان الجامح، حيث تعرف بعد انتصاره في سباق رافينا على الكونت باراكا وزوجته، وقد كان إنزو معجباً بابنه فرانشيسكو باراكا الذي كان طياراً حربياً شهيراً وقتل خلال الحرب العالمية الأولى، وهنا أعطت الكونتيسة باراكا الشعار الذي كان يضعه فرانشيسكو على طائرته لإنزو الذي استخدمه على سيارته السباقية.
في العام 1929 تم تأسيس “سكوديريا فيراري” التي كانت تحضر السيارات الرياضية للسباقات وتؤمن الصيانة في الميدان، كان سبب انتقال إنزو الرئيسي الضائقة المالية التي عانت منها ألفاروميو وإنتقالها ليد الحكومة الإيطالية الأمر الذي أدى لتخليها جزئياً عن السباقات الرياضية، ومع بقاء فيراري مخلصاً لـ ألفاروميو حقق نصراً باهراً في سباق ميل ميليا ” الألف ميل” عندما احتلت 4 سيارات ألفاروميو طراز سي المراكز الأربعة الأولى بفضل السكوديريا.
عاد إنزو ليكون مديراً تنفيذياً لفرع ألفاروميو الرياضي عند إعادة تأسيسه في العام 1938، إلا أن اختلافه مع المدير العام لألفاروميو ” أوغو غوباتو” أعاده من جديد إلى السكوديريا التي صار من الواجب تغيير اسمها حيث امتلكته ألفاروميو لأربع سنين قادمة! وهكذا أنشأ إنزو ما عرف بJ أوتو أفيو كوستريزيوني، ومع أن الطراز الأول الذي خرج من هذا المصنع لم يحظ بالنجاح أبداً ولا حتى بأقل درجاته في السباق الأول له، إلا أنه احتل المركز الأول في 24 تشرين الأول 1948 في سباق الجائزة الكبرى غران بري لاك دي غاد.
إبان الحرب العالمية الثانية انتقل فيراري لتصنيع محركات الطائرات التدريبية ولوازم المحركات الأخرى، وقد مول المصنع آنذاك موسيليني، وبعد انتهاء الحرب عاد ليطلق الاسم فيراري على مصنعه الخاص بالسيارات بعد أن انقضت فترة امتلاك ألفاروميو للاسم.
بنى إنزو بمساعدة رفيقه القديم أول سيارة تحمل اسم فيراري وكانت 125، المحرك باثنتا عشر اسطوانة من صنع جيوشينو كولومبو، أما الرقم 125 فما هو إلا طول الشوط في اسطوانة هذه المحرك.

مع انتهاء العام 1947 ، كانت الفيراري 125 شاركت في 14 سباقاً فازت في سبعة منها ، وحلت بالمركز الثاني في أربعة أخرى .
وفي العام 1948 قُدمت 166 سبورت بمحرك سعة لترين لتفوز في 10 سباقات وتصل ثانية في 11 أخرى وثالثة في ست فقط ! ، وقُدم محرك الست إسطوانات مع السيارة Dino 206GT في العام 1967، وحتى أواخر السبعينات ظلت جميع طرز فيراري تسمى برقم هو سعة إحدى اسطوانات محركها، فمثلاً كانت دينو بمحرك سعة لترين فدل الرقم 20 عليها، أما الرقم 6 فدل على عدد الاسطوانات، واستمر الحال هكذا حتى ظهرت 328، وجاءت بعض سيارات فيراري لتحمل اسماً له دلالات مختلفة مثل F 355 حيث يدل الرقم 35 على سعة محركها 3.5 لتر ويدل الرقم 5 على عدد الصمامات لكل اسطوانة، وقد حملت بعض السيارات الاسم المشفر لمشروعها مثل الفورمولا 640 و641، أما تيبو 126، فلم يحمل اسمها أي مدلول قط!
في منتصف الخمسينات، بدأت العلاقة مع بيننفارينا (عندما توفي فارينا، غير ابنه الاسم إلى بينن فارينا) الذي صمم 250 GT والذي أعطى الخطوط العامة لسيارات فيراري التي ظلت تنقح وتعدل حتى الآن، كذلك تعاونت فيراري مع العديد من المصممين المشهورين أمثال تورينغ و فيغنالي و غيا و كاروزيريا.
فيراري 250GT SWB
فيراري 250TR Testarossa
فيراري 250 GTO
كانت 250 Le Mans أولى سيارات فيراري المزودة بمحرك وسطي، وقد بنيت في العام 1964 بهدف خوض السباقات التنافسية، إلا أنها كانت تصلح لتسير على الطرقات أيضاً.

لم تكن Dino 206 (محرك V6 سعة لترين) موفقة تماماً، إلا أنها كانت تجربة مفيدة لتقديم طرز أخرى ناجحة، وقد يكون السبب في عدم النجاح عدم توافر أمرين… علامة فيراري في المقدمة والتي حل مكانها الاسم دينو، وحيز الأمتعة، كذلك عانت Dino 246 GT من نفس المشكلة، إلا أن صندوق الأمتعة الأكثر اتساعاً خفف من حجم المشكلة.
في العام 1968، قُدمت 365 GTB والتي عرفت لاحقاً ب دايتونا Daytona. وفي تلك الفترة كان الفرع الرياضي في فيراري حصد ثمانية انتصارات في لومان – بين 1954 و 1965 – وتسعة ألقاب لبطولات العالم و ثمانية انتصارات في ميل ميليا و سبعة مرات في تارغا فلوريو و عشرة مرات في سباق دورة فرنسا، ولا شك أن ذلك شجع فيات لتشتري في العام 1969 القسم المخصص لإنتاج السيارات المعدة للطرقات ونصف قسم السباقات، خاصة وأن فيراري عانت من الصعوبات المالية، ومع ذلك ظل إنزو مسؤولاً هاماً لا سيما وأنه كان اشترط على فيات عدم تدخلها في سياسة فيراري، ولا ننس مقولته الشهيرة إبان توقيع عقد البيع: “ستدخل أموالكم الشركة، أما أنتم فعليكم البقاء خارجها”.
في العام 1988 بلغت فيراري سنواتها الأربعين من الإنتاج وظهرت الرائعة F40، وقد اعتمدت على GTO للعام 1984 وكانت أرضيتها معراة من السجاد، بل كانت تفتقد العديد من التجهيزات، إلا أنها كانت أسرع سيارة تجارية في العالم!.

شهد العام نفسه احتفال إنزو بعيد ميلاده التسعين وقد تسلم فيه شهادة فخرية في الفيزياء قدمتها له جامعة مودينا، لقد أحس الرجل الكهل باقتراب أجله فأنهى كل التزامات الشركة وأصبحت حصة فيات 90 %، أما العشرة بالمائة الباقية فقد احتفظ بها لابنه غير الشرعي بيارو لاردي فيراري كما هو الحال مع منصب نائب رئيس الشركة، وفي 14 آب 1988 توفي إنزو فيراري.
حلم إنزو بصنع سيارة واحدة، وانتهى بتأسيس أشهر شركة لصناعة السيارات في العالم! ونجم الشركة لا يزال لامعاً، سواء في الفورمولا واحد أو في سقف تطلعات معظم عشاق السيارات. الصور المرفقة بالمقال هنا هي بعض سيارات فيراري الرائعة، وسنقوم قريباً إن شاء الله باستعراض السيارات العشر الذي حظت بأكبر شهرة من الصانع الإيطالي.