مقالات – خالد الناصير
تسبب النُمو الاقتصادي الكبير الذي تُحققه الهند بارتفاع مُستوى الدخل وازدياد عدد السيارات المُباعة، مما زاد بدوره من تلوث الهواء نتيجةً للانبعاثات الغازية الضارة من السيارات، خُصوصًا في المُدن المُكتظة. وعليه، تسعى الحُكومة الهندية للانتقال فورًا من معايير “BS-IV” الخاصة بمُحركات الديزل والبنزين إلى معايير “BS-VI”، وذلك اعتبارًا من شهر نيسان (أبريل) 2020.
بدايةً، أعتقد أن الهند تُعتبر في بعض نواحيها مثالًا يُحتذى في مجال النُمو الاقتصادي وتحسين حياة شعبها، رغم أنها أكبر بلاد العالم سُكانًا، كما تُعجبني حصافة جهازها الإداري الضخم – على علاته – وقُدرته، أحيانًا، على تحقيق إنجازات تُحاكي أفضل ما تُحققه الدول الغربية بميزانيات مُنخفضة ومحدودة.
في المُقابل، نرى مُعاناة بعض عواصمنا العربية ومُدنها الكُبرى من ظاهرة “الضبخان Smog” –اختصار كلمة “الضباب الدخاني”، وهي امتزاج جُزيئات الهواء المُلوثة الدقيقة بالضباب، ولها آثار سلبية حيث تُعتبر من بين أولى المُسببات للوفاة والأمراض التنفسية في المُدن المُكتظة.
حيث يموت سنويًا أكثر من ثلاثة ملايين شخص حول العالم نتيجةً لتلوث الهواء، كما يُنقص التلوث من مُعدل العُمر المُتوقع لسُكان مدينة نيودلهي الهندية بنحو ستة أعوام وربع.
بالإضافة إلى أن الضبخان مُسبب رئيسي للوفيات والأمراض، فإنه يُشوه جمال البناء والآثار القديمة داخل المُدن الكُبرى، لا بل قد يقضي عليها بسبب المواد الحمضية الضارة
بالعودة إلى موضوعنا، قدمت الحُكومة الهندية، عبر وزارة النقل البري والطرق السريعة، مسودةً لتعديل “قواعد تسجيل المركبات المركزي Central Motor Vehicles Rules”، بحيث توقف، اعتبارًا من 30 حُزيران (يونيو) 2020، عمليات تسجيل المركبات ذات المُحركات المُستندة على معايير BS IV أو ما يُعرف بـ “بهارات 4 – Bharat Standards IV” المُطابقة لمعايير “يورو 4 – Euro IV” التي تُصنع قبل الفاتح من نيسان (أبريل) 2020.
تهدف الخُطوة لكبح جماح تلوث الهواء الناتج عن المركبات، علمًا بأن الحُكومة الهندية قررت الانتقال مُباشرةً إلى معايير “يورو6 – Euro VI” لمُحركات الديزل والبنزين اعتبارًا من نيسان (أبريل) 2020، من دون المُرور بالمرحلة الخامسة منه.
ودعت الوزارة الجهات ذات الصلة لتقديم اعتراضاتهم واقتراحاتهم على مشروع التعديل قبل 20 كانون الأول (ديسمبر) الجاري.
وستُدعى القواعد الجديدة في حال إقرارها “قواعد تسجيل المركبات الآلية المركزية (المُعدل)، للعام 2017″، على أن تدخل حيز التنفيذ في تاريخ نشرها النهائي في الجريدة الرسمية. وورد في الإشعار حول التعديل: “لن تُسجل المركبات الآلية الجديدة المُطابقة لمعايير الانبعاثات الغازية الهندية من المرحلة 4، والمُنتجة قبل 1 نيسان (أبريل) 2020، بعد تاريخ 30 حُزيران (يونيو) 2020”.
كما اتخذت الحُكومة الهندية، خلال أحد اجتماعاتها الذي شهد نقاشًا حادًا حول مسألة تصاعد مُستويات التلوث، العام الماضي قرارًا بتقديم اعتماد المعايير الهندية “بهارات 6” (المُماثلة للمعاير الأوروبية “يورو 6”)، كما اتخذت خلاله قرارًا آخرًا لتوفير وقودٍ أنظف للسيارات، وعليه سينتقلون مُباشرةً من المرحلة الرابعة إلى السادسة دون المُرور بالمرحلة الخامسة.
الاسم بهارات Bharat مستخدم لوصف الهند، وذلك نسبة للامبراطور بهاراتا، أما Bharata Khanda فهو الاسم السنسكريتي، و Bhārat Gaṇarājya يُشير لجمهورية الهند. وربما تكون سمعت بشاحنات BharatBenz الهندية-الألمانية
في سياقٍ مُتصل اتخذت حُكومة دلهي (العاصمة الإدارية للهندية) خُطوةً مُتقدمةً في موضوع علاج ظاهرة “الضبخان”، إذ قررت أنه سيتم تزويد جميع محطات الوقود داخل منطقة العاصمة الوطنية، بوقودي الديزل والبنزين الأنظف المُطابق لمعايير “بهارات 6″، اعتبارًا من العام 2018، أي قبل عامين من بدأ تطبيق المعايير رسميًا على عُموم الهند، وعلى الرغم من عدم وجود سياراتٍ مُطابقة للمُعايير الأحدث، إلا أنه سيكون من المُمكن استخدامه في المركبات الحالية. كما تُناقش اعتماد قوانين أخرى لها مفعولٌ مُشابه مثل منع المركبات العاملة بالديزل التي يزيد عُمرها عن عشرة أعوام من دخول المدينة، والعودة إلى تقنين دخول السيارات للمدينة حسب الأرقام.
نأمل أن تتخذ مجالس المُدن العربية قرارات لمُعالجة تلوث الهواء والحد منه
على الصعيد العربي، هنالك الكثير من الحُلول القابلة للتطبيق لعلاج تلوث الهواء بأثرٍ فوري تقريبًا، وبدون تكلفة كبيرة، منها تفعيل خدمات الحُكومة الإلكترونية، بحيث لا يتوجب على المُواطنين التوجه للعاصمة أو مركز المُحافظة لإنجاز جميع مُعاملاتهم، وتحسين نوعية المُواصلات العامة لتشجيع السُكان على التخلي عن استخدام مركباتهم الخاصة، ودعم مُبادرات استخدام السيارات المُشتركة “Car pooling and sharing”، وحتى اعتماد أوقات عمل مرنة بحيث لا تحدث ازدحامات مُرورية في أوقات مُعينة، واعتماد قوانين تُشجع الشركات على نقل مقراتها الرئيسية والعمل خارج العاصمة، وغيرها الكثير من الحُلول التي لن تتطلب نفقات أو ميزانيات كبيرة… فهل من مُستجيب.
المعيار | المقابل الأوروبي | السنة | المنطقة |
---|---|---|---|
الهند 2000 | يورو 1 | 2000 | جميع أنحاء البلاد |
مرحلة بهارات 2 | يورو 2 | 2001 | دلهي، مومباي، كالاكوتا، تشيناي |
2003.04 | دلهي، و 13 مدينة | ||
2005.04 | جميع أنحاء البلاد | ||
مرحلة بهارات 3 | يورو 3 | 2005.04 | دلهي، و 13 مدينة |
2010.04 | جميع أنحاء البلاد | ||
مرحلة بهارات 4 | يورو 4 | 2010.04 | دلهي، و 13 مدينة |
2017.04 | جميع أنحاء البلاد | ||
مرحلة بهارات 5 | يورو 5 | سيتم تجاوزها | |
مرحلة بهارات 6 | يورو 6 | 2020.04 | جميع أنحاء البلاد |
المدن الـ 13 هي: Mumbai، Kolkata، Chennai، Bengaluru، Hyderabad، Ahmedabad، Pune، Surat، Kanpur، Lucknow، Sholapur، Jamshedpur و Agra |
إقرأ أيضًا: