أحدث المواضيعخبر اليوممواضيع رئيسية

فريق بحثي مصري ياباني يعيد الأمل لمحركات الديزل!

في الوقت الذي نفضت معظم شركات السيارات أيديها من محركات الديزل وباتت تُرجّح وقف تطويره تمامًا، نجح فريق بحثي مصري ياباني مشترك مؤخرًا في تحسين جودة الديزل وكفاءته باستخدام صفائح الجرافين النانوية والوقود الحيوي المستخرج من نبات الجاتروفا.

قد تعتبر النجاح الأخير متأخرًا نوعًا ما، خصوصًا مع ذياع صيت المركبات الكهربائية كحل أمثل للمستقبل، ولكن الحقيقة أن أسطول العالم من المعدات العاملة على الديزل أكبر من أن يتم استبداله بيوم وليلة، فالحديث هُنا ليس عن السيارات الجديدة فحسب، وإنما عن السيارات التي بيعت منذ سنوات وفيها من العمر التشغيلي المُتوقع ما يزيد عن 20 عام، يُضاف إليها المعدات الثقيلة من جرّافات وجرّارات وشاحنات وغيرها، والسفن ومولدات الكهرباء المتنقلة وغيرها الكثير. وبالتالي فإن نتائج البحث مهمة فعلًا وتستحق الثناء.

السر في مادة الجرافين

وطبقًا للدراسة المنشورة بدورية الطاقة، اعتمد البحث المشترك الذي أجرته الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا وكلية المواد والتكنولوجيا الكيميائية بمعهد طوكيو للتكنولوجيا على استخدام مادة الجرافين لتحسين جودة الديزل وكفاءته. واختبر الفريق البحثي إضافة صفائح الجرافين النانوية graphene nanoplatelet GNPs إلى الديزل المخلوط بحوالي 20% من الوقود الحيوي المستخرَج من نبات الجاتروفا jatropha، والمعروف اختصارًا بـJB20، فكانت النتيجة تحسنًا ملحوظًا بكفاءة أداء المحرك، وعملية احتراق الوقود، وتقليل الانبعاثات الملوِّثة الصادرة عنه.

الجرافين (غرافين Graphene): مشتقة من الكربون وموصلة للكهرباء. وهي ببنيتها ثنائية الأبعاد تعتبر المادة الأقل سمكًا على الإطلاق، وتكاد تكون شفافة بالكامل، أي أنها تسمح بنفاذ الحرارة والضوء عبر جزيئاتها، إلا أن تعتبر من أكثر المواد صلابة أيضًا، وأكثرها كثافة.

الجرافين مكون من كربون في هيئة بنية بلورية سداسية في طبقة واحدة. المصدر: ويكيبيديا CC BY-SA 3.0

تصريحات فريق البحث

تكون فريق البحث من حمدي حسن، أستاذ هندسة موارد الطاقة بالجامعة اليابانية المصرية للعلوم والتكنولوجيا، وأحمد السيسي، الباحث بالجامعة اليابانية المصرية للعلوم والتكنولوجيا، و الدكتور سنتشي أوكيناوا من معهد طوكيو للتكنولوجيا.

ويقول حمدي حسن أن النسبة المثالية التي تَحققت معها أعلى فائدة هي 50 ملجم من صفائح الجرافين النانوية لكل لتر من وقود الديزل المخلوط بنسبة 20% من الوقود الحيوي المستخرج من نبات الجاتروفا. وعَزا حسن ارتفاع كفاءة المحرك إلى زيادة كلٍّ من ضغط الأسطوانة ومعدل ارتفاع الضغط، بالإضافة إلى تقصير مدة الاشتعال والبدء السريع لعملية الاحتراق، مما أدى إلى ارتفاع معدل انطلاق الحرارة الكلية وكذلك معدل انطلاق الحرارة الفرملية، ويرجع ذلك إلى أن الموصلية الحرارية للجرافين عالية، بما يسرع من انتقال الحرارة والوقود.

من جانبه أشار أحمد السيسي إلى عدم وجود أي ترسُّبات للكربون على مكونات المحرك خلال العمل التجريبي الذي أُجري على أحد المحركات، واستمر مدة حوالي خمسة أسابيع، وعدم وجود أي آثار سلبية على أداء المحرك.

مع هذا، أكد الباحثان أن النتائج الأولية لا يعني اطمئنانهم تمامًا وأن هناك حاجة لتطبيقات طويلة الأجل على المحرك.

لماذا نبات الجاتروفا تحديدًا؟ 

السبب الرئيسي اقتصادي بحت؛ إذ تحتوي بذور الجاتروفا على نسبة عالية من الزيوت تتراوح بين 20- 25% من حجم الثمرة، ويمكن استخلاصها بطريقة سهلة باستخدام المذيبات العضوية مثل الهكسان. كما تبلغ المساحة المزروعة من الجاتروفا في مصر حوالي ألف فدان في الظهير الصحراوي بصعيد مصر.

نتائج الدراسة

وشملت الاختبارات فحص الخصائص المميزة للاحتراق تحت أحمال وسرعات مختلفة للمحرك، وبذلك تم قياس أقصى ضغط يصله الوقود داخل أسطوانة المحرك، ومعدل تغيُّر الضغط بالنسبة للزمن، لاختبار مدى انتظامه، إذ إن الصعود والهبوط المفاجِئَين غير مطلوبين، ومتوسط درجة حرارة الغاز عند الاحتراق، وأقصى معدل حرارة منطلقة نتيجة احتراق الوقود، وكمية الوقود المحترق، والكفاءة الحرارية الكبحية BTE، وغيرها.

كما تضمَّن الاختبار اختبار معدل انبعاث بعض العناصر الملوِّثة للبيئة، مثل أول أكسيد الكربون (CO)، وأكسيد النيتروجين (NO)، والهيدروكربونات غير المحترقة (UHC) بالإضافة إلى درجة حرارة غاز العادم (EGT).

وجاءت النتائج لتشير إلى زيادة الكفاءة الحرارية الكبحية بنسبة 25% وتقليل الاستهلاك النوعي للوقود الكبحي بنسبة 20%، مما قلل من الاستهلاك الكلي للوقود وزاد من كفاءة المحرك. ومن جهة أخرى تقلصت انبعاثات أول أكسيد الكربون وأكسيد النيتروجين والهيدروكربونات غير المحترقة بنسبة 60% و40% و50% على التوالي.

هل سنرى الديزل المطوّر قريبًا في الأسواق؟ 

لا يوجد هُناك ما يشير حاليًا لإمكانية تطبيق نتائج البحث على الديزل المُباع في الأسواق، فما زال هُناك ضرورة لأبحاث مطوّلة كما أشار الباحثان لدراسة تأثيرات استخدام الوقود الجديد على المدى البعيد، مثل حدوث ترسبات كربونية على مكونات المحرك بسبب صفائح الجرافين مثلًا. كذلك فإن نبات الجاتروفا ليس متوفرًا بشكل يضمن تغطية حاجة السوق، عدا عن أن الدراسة لم تُشر للتكلفة المُضافة على وقود الديزل والتكلفة النهائية بعد التشغيل.

Facebook Comments

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: